اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 264
(هوازن) قد كمنت فى جنبتيه، وذلك فى غبش الصبح، فحملت على المسلمين حين توسطوه حملة رجل واحد، وكانوا قوما رماة، فانهزم جمهور المسلمين لهول المفاجأة، وتساقط النبل كأنه رجل من جراد، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ يدفع بغلته إلى الأمام ويترنّم بقوله:" أنا النبى لا كذب أنا ابن عبد المطلب" [1] وثبت معه نفر من أصحابه قيل: ثمانون. وقيل: عشرة. والجمع بين القولين ميسور، فالثابتون بجواره: عشرة، والثابتون بعدهم: بقية العدد.
ومن الثابتين: أبو بكر، وعمر، وعلىّ، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، وأسامة بن زيد، وربيعة بن الحارث، والفضل بن عباس، وأيمن بن عبيد وهو ابن أم ايمن حاضنته صلى الله عليه وسلم [2] - واستشهد يومئذ [3] - وفى ذلك يقول العباس:
نصرنا رسول الله فى الحرب تسعة ... وقد فرّ من قد فرّ عنه وأقشع
وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه ... بما مسّه فى الله لا يتوجع (4)
وثبتت أمّ سليم فى جملة من ثبت محتزمة ممسكة ببعير لأبى طلحة وفى يدها خنجر [5].
وفى صحيح مسلم عن أنس: قال العباس:" وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفّها إرادة ألا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أى عباس ناد أصحاب السمرة" فقال:" بأعلى صوته: أين أصحاب السمرة؟ " قال:
فوالله لكأنّ عطفتهم حين سمعوا صوتى عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك" [6] وكرّوا عليهم كرّة رجل واحد، وأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، [1] رواه مسلم (1776) وابن أبى شيبة فى" المصنف" برقم (18829) (14/ 521، 522) عن البراء بن عازب رضي الله عنه. [2] انظر: مسند الإمام أحمد (1/ 453، 454). [3] انظر: سيرة ابن هشام (4/ 72).
(4) انظر: فتح البارى (8/ 30). [5] رواه أحمد (3/ 555) و (4/ 203) ومسلم (1809) وأبو داود (2718) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. [6] رواه أحمد (1/ 341) ومسلم (1775) عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه. وقد نقل الإمام الشهيد القصة كلها من تفسير القرطبى (8/ 93، 94).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 264