اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 244
الأولية، أو فتح الأسواق والميادين للتجارة، وتصريف المصنوعات إلى غير ذلك من أغراض الحرب المادية والاقتصادية، ولكن الغاية تأمين الدعوة فى جزيرة العرب تأمينا كاملا بحيث لا يكون فيها إلا مسلم، حتى تقوم الدعوة على أمة موحّدة العقيدة، وعلى دولة محددة الهدف، فإذا كان هؤلاء المشركون سيذعنون للدعوة ويدخلون فيها، وآية دخولهم: توبتهم بالندم على ما مضى من كفران، والمسارعة بالدخول فيما دخل فيه أهل الإيمان، وإثبات ذلك عمليّا بالشعيرة الروحية العبادية وهى الصلاة، وبالشعيرة الاجتماعية المالية وهى الزكاة، فحينئذ تحققت الغاية المقصودة، ولا يصح أن يقاتلوا أو يحاربوا، ولهذا أمر الله المؤمنين بأن يخلوا سبيلهم ولا يؤاخذوهم بما مضى من أعمالهم، و" الإسلام يجبّ ما قبله" [1] إن الله غفور رحيم، ومن هنا يتضح سمو الغاية التى يقاتل من أجلها المسلم وهى حماية الحق بالقوة.
وقد أطال كثير من المفسرين فى الاستدلال بالآية على كفر تارك الصلاة، واستطرد بعضهم إلى مدلول الإيمان، وهل يدخل فيه العمل أم هو مجرد الاعتقاد؟ ودخلوا فى تفاصيل وتفاريع تضيع وضوح القصد الأهم فى ثناياها، ولهذا لم نشأ أن ندخل معهم فيها، وحسبنا أن نعلم أن المسلم لن يكمل له معنى الإسلام؛ ولن يكون فى عداد المؤمنين الصادقين إلا إذا تطهّر وجدانه بالتوبة والعقيدة الثابتة، وظهر ذلك فى أعماله التى أظهرها الصلاة والزكاة [2]. وحسبك من القلادة ما أحاط بالجيد [3].
حق الأمان:
ولكل مشرك أن يطلب الأمان ليتفقّه فى الدين، وليسمع الدعوة من كتاب الله تبارك وتعالى، وعلى المؤمنين أن يتقبلوا هذا الطلب منه، وأن يجيروه ويسمعوه، ولا يمسوه بأذى، ثم عليهم بعد ذلك أن يصلوا به إلى مأمنه مطمئنا معافى، ثم تجرى عليه بعد ذلك أحكام غيره من الناس. [1] حديث رواه أحمد (5/ 222، 234) وابن خزيمة (2515) والبيهقى فى" السنن" (13/ 401) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه. [2] لمزيد من التفصيل فى هذه القضية، انظر: تفسير المنار (10/ 169 - 176). [3] مثل عربى معناه: اكتف بالقليل من الكثير، ولكن يذكر المثل بلفظ: حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق، انظر: مجمع الأمثال للميدانى (1/ 348) المثل رقم (1035)، وموسوعة أمثال العرب (3/ 561).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 244