responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 237
والإسلام شريعة واضحة صريحة تواجه الواقع وتطوّعه، ولا تخادع ولا تخاتل، وقد خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين، وقاسى العناء الشديد من غدرهم ونقضهم مواثيقهم بعد الحديبية تارة، وبعد الفتح وتبوك تارة أخرى. كما صبر صلى الله عليه وسلم على مؤامرات المنافقين ومداراتهم صبرا طويلا جميلا، حتى أصبح استمرار هذا الصبر: ضارّا بالدعوة وبالمجتمع الإسلامى الجديد، فلم يبق بعد ذلك إلا أن يفاصل هؤلاء وأولئك، وكانت سورة التوبة سورة المفاصلة، وكان إعلانها على رءوس الأشهاد ويوم الحج الأكبر سنة تسع من الهجرة.
بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا أبا بكر رضي الله عنه، وقد أمّره على الموسم، ثم أردفه بعلىّ وأمره أن يكون هو مبلّغ الرسالة [1].
وقد أراد قوم أن يستدلوا بذلك على تفضيل على كرم الله وجهه على أبى بكر رضي الله عنه، ولا دليل فى ذلك على شىء من هذا، فإنما جرى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سنّة العرب وتقليدهم، إذ كان من عادتهم: أن يعلن العهد أو ينقض الموثق: زعيم القوم، أو أمسّ الناس به رحما [2].
ولا شك أن عليّا كرّم الله وجهه أمسّ رحما برسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدّيق رضي الله عنه، ولا يقتضى ذلك التفضيل المطلق، والمزيّة لا تقتضى الأفضلية كما يقولون، ومن الخير للناس: ألا يخوضوا فى هذه الأحاديث، فقد أفضى كلّ إلى ما قدّم، والفضل بيد الله يرفع درجات من يشاء [3].
وقد أدّى علىّ كرم الله وجهه رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن من أبى بكر رضي الله عنه، قام أبو بكر فخطب الناس، وحدّثهم عن مناسكهم ثم التفت إلى علىّ فقال: يا علىّ قم

[1] انظر: الطبرى (6/ 307).
[2] انظر: فتح البارى (8/ 409).
[3] راجع فى الرد على من أخذ- من الروافض وغيرهم- من هذا الموقف تفضيل علىّ على أبى بكر رضي الله عنهما:" زاد المسير" لابن الجوزى (3/ 391، 392) وما كتبه العلامة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله فى" تفسير المنار" حول هذه القضية، انظر: تفسير المنار (10/ 161 - 164) وقول الإمام الشهيد:
" والفضل بيد الله يرفع درجات من يشاء" اقتباس من قوله تعالى: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ [يوسف: 76].
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 237
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست