responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 184
ووجوب التكافل بين أبناء الأمة الواحدة وهو الأساس الذى قام عليه النظام الذى يسمّونه فى هذا العصر ب (الشيوعية) وهو وحده لا يؤدى كذلك إلى صلاح المجتمع أو استقرار الأمور فيه بين الناس على وفاق وصفاء، فكان لا بد من المزج بينه وبين الأصل الأول، فجاء نظام القرآن بهذا المزج بين أفضل ما فى النظامين وقدمه للناس سائغا فى صورة (اشتراكية معقولة) عمادها تقديس الأخوة، وروحانية العاطفة، وحب الخير، والإيمان بالجزاء فى الدنيا والآخرة، وليس ذلك فحسب فإن من النفوس من لا تهزه هذه النواحى وحدها، بل لاحظ أيضا وجوب تدخّل الدولة وحماية هذا السمو بالتشريع، بل بالقتال إذا احتاج الأمر عند اللزوم، ومن هنا قال الخليفة الأول رضى الله عنه:" والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" [1].

تقريب:
كما لاحظ الإسلام بأوضاعه الاقتصادية الدقيقة فى الكسب والإنفاق التقريب بين الطبقات بحيث ضاقت الشقة بين الثروة والفقر إلى أقصى حد. فمن حيث الأغنياء حدّد أمامهم أبواب الكسب، وفتح لهم أبواب الإنفاق، وفرض عليهم الزكاة، وحرم الربا، وحيل بينهم وبين الترف، ولم تعتبر ثروتهم فى عرف المجتمع الإسلامى مظهرا من مظاهر التميز والاستعلاء، وأنذروا بأشد الوعيد فى الدنيا والآخرة إذا لم يؤدّوا حقّ الله والناس فى المال.
ومن حيث الفقراء رفع عنهم معنى النقص الاجتماعى بسبب الفقر، وفرض عليهم العمل، وفتح أمامهم أبوابه، وجعلوا عند العجز فى ضمان الأقرباء أولا، والأغنياء ثانيا، وبيت مال الدولة ثالثا، وتقرر بالتشريع حقهم المعلوم فى أموال الأثرياء، ثم ألزمت الدولة بعد ذلك بملاحظة هذا التوازن والمبادرة إلى المحافظة عليه كلما عرضت له عوارض الاختلال، ووضعت فى يدها كل السلطات التشريعية والتنفيذية اللائقة لإصلاح الحال، وليس بعد ذلك زيادة لمستزيد وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: 82].

[1] رواه البخارى (7285) ومسلم (20) والترمذى (2607) والنسائى فى" المجتبى" (2443) و (3970) وأبو داود (1556) عن أبى هريرة رضى الله عنه.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست