responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 162
الحروف المفردة فى أوائل السور
(الم) وما شابهها فى أوائل السور القرآنية.
كثرت أقوال المفسرين فى ذلك، وأحقّها بالنّظر والتقدير آراء ثلاثة ([1]):
أنها للفت النظر للاستماع للقرآن حين يتلى، فهى أداة تنبيه، وخاصة للمشركين الذين كانوا يعلمون تمام العلم: أنّ محمدا عليه الصلاة والسلام أمّىّ لم يقرأ ولم يكتب قبل أن يوحى إليه هذا القرآن، فنطقه بهذه الحروف على الهيئة التى لا يحذقها إلا القرّاء والكاتبون أمر يستدعى الانتباه ويستلفت النظر.
أو أنها إشارة إلى الإعجاز، كأنه يقول لهم: إنّ هذه الألفاظ والجمل والعبارات والآيات قد ركّبت من هذه الحروف البسيطة التى تعرفونها جميعا، ومع ذلك فقد أعجزتهم عن الإتيان بمثل هذا التركيب، مع أن هذه هى مادته الأولية بين أيديكم، فلا مندوحة لكم بعد هذا من الإقرار بأن هذا الكتاب المركّب هذا التركيب من عند الله لا من صنع البشر.
أو أنها إشارة إلى فضل الكتابة وسموّ منزلتها، والتفاؤل بأنه كما كانت معرفة البشر للكتابة إيذانا بانتقالهم من طور إلى طور فى مدارج الرّقىّ والكمال، فكذلك الاهتداء بهذه الرسالة سيكون انتقالا جديدا إلى درجة أعلى وأكمل فى مدارج الحضارة الإنسانية والترقى الاجتماعى، وقد جاء القرآن حريصا على إبراز هذا المعنى حتى كانت أول سورة أنزلت منه فى أرجح الأقوال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [1] خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ [العلق: [1] - 5].
وكل ما عدا هذه الآراء الثلاثة من أقوال المفسرين ظنّ لا يغنى من الحق شيئا، ومن طرائف ما ذهب إليه بعضهم فى ذلك استخلاصه هذا التركيب من هذه الحروف فى أوائل السور بعد حذف المكرر منها (نص حكيم قاطع له سر) كأنه يريد أن يقول إنها وصف للقرآن ولا دليل على هذا القول ولا سند له.

[1] انظر فى ذلك: تفسير ابن عطية (1/ 138 - 141) وتفسير القرطبى (1/ 154 - 157) وابن كثير (1/ 34 - 37).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست