اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 146
وقد ذهب بعض المفسرين إلى قصر طلب الاستعانة على التوفيق فى العبادة استئناسا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ بيد معاذ رضى الله عنه وقال له:" والله إنى لأحبك! أوصيك يا معاذ: لا تدعنّ دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنّى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" [1] ولكن هذا التخصيص لا معنى له وإن كان أفضل الاستعانة ولا شك ما كان على الطاعة والخير وحسن عبادة الله.
(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)
الصراط: الطريق، والمستقيم: المعتدل. والآية من جوامع الكلم كذلك، فإن الإنسان فى حاجة إلى الهداية إلى الصراط المستقيم فى كل قول وعمل وفكرة وخاطرة، لأنه فى كل ذلك بين إفراط وتفريط وكلاهما ضار، والنافع المفيد دائما هو الحد الوسط، وهو الصراط المستقيم الذى نطلب الهداية إليه من الله تبارك وتعالى بهذه الآية، وهو من الدين ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بغير زيادة عليه ولا انتقاص منه ولا انحراف عنه. قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف: 108]، وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام: 153]، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى: 52، 53].
وعن النواس بن سمعان رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله تبارك وتعالى ضرب مثلا صراطا مستقيما على كنفى الصراط زواران- وفى رواية: سوران- لهما أبواب مفتّحة، على الأبواب ستور وداع يدعو على رأس الصراط، وداع يدعو فوقه:
(وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فالأبواب التى على كنفى الصراط: حدود الله تعالى، فلا يقع أحد فى حدود الله تعالى حتى يكشف [1] رواه أحمد (6/ 328) والنسائى فى" المجتبى" (1303) وفى" الكبرى" (9937) وأبو داود (1522) والحاكم (3/ 307) و (1/ 407) وابن خزيمة (751) ابن حبان (2020) و (2021) والبيهقى فى" الشعب" (4410) والطبرانى فى" الكبير" (20/ 60) والبخارى فى" الأدب المفرد" (711) عن معاذ ابن جبل رضى الله عنه وصححه الشيخ الألبانى فى (صحيح أبى داود) برقم (1522).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 146