responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 118
على حسب أذواقهم فى التأليف والتبويب والتنسيق يبيّن مقاصد القرآن ومحاسن الإسلام مدعمة بآيات كريمة، وترجم هذا الكتاب إلى اللغات، وانتشر فى الأمم لكان أجدى، وأدعى إلى إدراك هذه القلوب الجديدة لمحاسن الإسلام ومواطن الجمال فيه، وأبعد من أن يتناول كتاب الله بالنقد والتجريح من قوم لم يدركوا أسراره.
وأمّا عن الترجمات الخاطئة: فلا بأس من التنبيه عليها، سواء كان ذلك بإصدار بيان مستقل، أو بتذييل رسائل الدعوة بالرد على هذه الأخطاء كما يرد على غيرها، وبذلك ندرأ هذا الخطر إلى حد ما.
وترجمة معانى القرآن الرسمية لا تأتى بأكثر من هذه الفائدة فمن الطبيعى أنه ليس معنى وجودها انعدام غيرها، وليس معنى نشرها أن يقتنيها كل من عنده تلك الترجمات الخاطئة، وعلى هذا فستظل هذه الترجمات، وسيظل أثرها فى بعض الرءوس كما هو، وربما ازداد عددها، لأن الباب فتح للمترجمين على مصراعيه.
وأما عن تغيير الأساليب فى الدعوة فليس محصورا فى ترجمة القرآن، بل نشر الرسائل بلغات القوم هو من هذا التغيير، وفيه الكفاية من ناحية.
وهناك من الوسائل ما لا يمكن الاستغناء عنه أبدا، وبدونه لا يمكن أن تنفع دعوة، ومن هذه الوسائل: شخصية الداعى، والظروف التى تحمل على اتباعه، وما دام المسلمون ضعافا مستعبدين، فستظل الدعوة ضعيفة، و" إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" [1].
وإذا فمن أهم الوسائل فى نجاح هذه الدعوة، بل لعله أهمها أن يعمل المسلمون على تحرير أوطانهم، واستعادة عزهم ومجدهم، وتقوية أنفسهم، وحينئذ يستجيب الناس لندائهم، وتلقى دعوتهم من النجاح فى تعريب الأمم ما لقيت دعوة أسلافهم.
وإذا وصلوا إلى ذلك فقد أصبحوا فى غنى عن ترجمة معانى القرآن، وسارعت الأمم الأخرى إلى تفهّم القرآن العربى ودراسته.
وهكذا نرى أن الأسباب التى اعتمد عليها أنصار المشروع لا توجبه ولا تؤيده فضلا عن الإسراع به، وضياع الأوقات فيه، وتكلّف النفقات الباهظة من أجله.

[1] من أقوال عثمان بن عفان رضى الله عنه. انظر: نهاية الأرب (3/ 6).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست