responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 108
فى ذكر الموت وأحواله، وما بعده من بعث ونشور وحساب وجزاء: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8].
ثم عرض لصفات الله تبارك وتعالى فوصفه بالكمالات كلها، ونزّهه سبحانه عن أوصاف النقص جميعا، ونفى عنه المشابهة لخلقه والمماثلة لغيره: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11]، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص: 4].
كما جاءت الآيات فيها ذكر الاستواء على العرش، واليد، والوجه، والأعين مضافة إليه سبحانه.
ولا شك أن ما ذكره القرآن من أحوال هذا العالم غير المادى، ثم من صفات البارى جل وعلا كلها لا تدخل فى حدود نواميس المادة ولا قواعد عالمها، والعقل الإنسانى لا زال إلى اليوم عاجزا عن إدراك ما يحيط بالمادة نفسها من قوى وأسرار فكيف بما هو وراءها؟!! وهنا المزلق، فكثير من الناظرين فى معانى الكتاب الكريم يعز عليه أن يسلم بوجود شىء لم يصل عقله بعد إلى حقيقته، فما هؤلاء الجن الذين تخفى علينا حقيقتهم؟ وما هذه الملائكة التى لا ندرى كنهها؟ وما هذا البعث بعد أن تحللت عناصرنا المادية وردت إلى أصولها الأولية؟ وما هذه الأرواح المزعومة فى هذه الأجساد، ونحن لا نحس إلا بهذه العوامل المادية تتصرف فى أبداننا؟ فالبرد يؤذينا، والحر يؤذينا، والسم يقتلنا، والطعام يقوينا، والهواء ينعشنا، وكلها من المادة، وهم أمام هذه النظرة الضيقة يزلون، فمنهم من ينكر ذلك جملة، ومنهم من يتعسف فى التأويل فينكر الحقيقة ويذهب إلى أنها تمثيل أو تخيل، وكلاهما أخطأ الطريق وضل سواء السبيل.
وهم لو أنصفوا لعرفوا أن من خصائص العالم الألمعىّ [1]: أن يعترف بالعجز والقصور فيما لم يصل إليه علمنا.
إنّ ما كشفه العقل الإنسانى إلى اليوم بالنسبة إلى ما لم يكشف عنه من أسرار هذا

[1] الألمعيّ: هو الذكيّ المتوقّد، الحديد اللسان والقلب. انظر: مختار الصحاح 604، ولسان العرب (8/ 327).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست