اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 101
فإذا لم يفهم المعنى، ويتضح المراد، فما وجه العظة والاعتبار والتثبيت؟! وأنت إذا قرأت القرآن فيما يتعلق بالجزاء والحساب، والنعيم والثواب: لم يلتبس عليك المعنى، ولم يخف عليك المراد، ولم تجد شيئا من مظاهر اللبس أو الغموض أو التشابه؛ واسمع قول الله تبارك وتعالى: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ [الأنبياء: 47].
وقوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (22) قُطُوفُها دانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (26) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (27) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ [18 - 29].
أين التشابه أو اللبس أو الغموض فى هذه الآيات البيّنات والتراكيب الواضحات؟
ستعلم إذا قرأت هذه الآيات: أنك ستحاسب، وستوزن أعمالك، وستعرض على ربك، وستتناول كتابا فيه ما قدمت يداك، وستجازى بالخير: جنة عالية، قطوفها دانية، فيها أكل، وفيها شراب، وستجازى بالشر: نارا حامية، ليس لك هناك حميم، ولا طعام إلا من غسلين.
هذه معان يدركها كل إنسان عنده مسكة من إدراك اللسان العربى.
حقّا إننا لا نستطيع أن ندّعى علم حقائق هذه المسمّيات، فما شكل الميزان؟ وما طريقة الوزن به؟ وما حقيقة الكتاب؟ وما كيفية الكتابة؟ وما حجم هذه القطوف؟ وما طولها؟ كل ذلك لا نستطيع أن نتعرفه، ولكنا نستطيع بهذه الآيات الكريمات أن نتعرّف وجود هذه الأشياء والغايات التى وجدت لها وهو ما يعنينا علمه وتهمنا معرفته، فليس هناك إذا غموض ولا تشابه.
وكذلك لا نسلّم للأستاذ بأن هذا الطريق هو الذى يبعدنا عن الاصطدام بالعلم الحديث، لأنه إذا كان الخلاف بين العلم الحديث وبين نصوص الأديان فى حقائق مؤسّس
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 101