اسم الکتاب : نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه - ت آل زهوي المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 22
القسم الأول: ما ثبت بنقل متواتر، كنقل القرآن، فهل يجوز أن ينسخ القرآن بمثل هذا؟ حكى فيه شيخنا علي بن عبيد الله روايتين عن أحمد، قال: والمشهور أنه لا يجوز [1]، وهو مذهب الثوري والشافعي.
والرواية الثانية يجوز؛ وهو قول أبي حنيفة، ومالك [2] قال: ووجه الأولى؛ قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها [البقرة: 106] والسنة ليست مثلا للقرآن، وروى الدارقطني من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلامي لا ينسخ القرآن، ينسخ بعضه بعضا» [3].
ومن جهة المعنى؛ فإن السنة تنقص عن درجة القرآن فلا تقدم عليه.
ووجه الرواية الثانية؛ قوله تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل: 44] والنسخ في الحقيقة بيان مدة المنسوخ، فاقتضت هذه الآية قبول هذا البيان، قال: وقد نسخت الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [البقرة: 180] بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا وصية لوارث» [4]. ونسخ قوله تعالى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ [البقرة: 191] بأمره عليه الصلاة والسلام، أن يقتل ابن خطل، وهو متعلّق بأستار الكعبة [5].
ومن جهة المعنى؛ أن السنة مفسرة للقرآن، وكاشفة لما يغمض من معناه، فجاز أن ينسخ بها.
والقول الأول هو الصحيح، لأن هذه الأشياء تجري مجرى البيان للقرآن، لا [1] انظر «الواضح في أصول الفقه» (1/ 288) و (4/ 258 - 259) و «العدة» لأبي يعلى (3/ 788) و «التمهيد في أصول الفقه» للكلوذاني (2/ 382) و «المحصول» (3/ 347) و «الإحكام» للآمدي (3/ 153). [2] «الواضح في أصول الفقه» (4/ 259) و «أصول السرخسي» (2/ 267). [3] أخرجه الدارقطني (4/ 145) وابن عدي في «الكامل» (2/ 180) من طريق: جبرون بن واقد، نا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله به مرفوعا.
قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» في ترجمة جبرون بن واقد رقم (1437): «متهم، فإنه روى بقلّة حياء عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا: «كلام الله ينسخ كلامي». وهذا الحديث موضوع».
وحكم عليه بالوضع المحدث الألباني في «المشكاة» (1/ 68/ 195). [4] أخرجه أحمد (5/ 267) وأبو داود (2870) و (3565) والترمذي (2120) وابن ماجة (2713) وغيرهم، من حديث أبي أمامة الباهلي. وهو حديث صحيح، وفي الباب عن غيره من الصحابة تخريجها في «نصب الراية» (4/ 403). [5] انظر «صحيح البخاري» (1846، 3044، 4286، 5808) و «صحيح مسلم» (1357).
اسم الکتاب : نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه - ت آل زهوي المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 22