responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 392
وإذا كان الأمرُ كذلك لزِمَك أن تُبَيِّنَ الغرضَ الذي اقتضى أنْ تكونَ ألفاظُ القرآنِ منْسوقةً النَّسَقَ الذي تَراه. ولا مَخْلَصَ له من هذه المطالبة، لأنه إذا أبى أن يكونَ المُقْضى والموجِبُ للذي تَراه من النَّسق، المعانيَ، وجَعلَه قد وَجَب لأمر يَرجعُ إلى اللفظ، لم تَجد شيئاً يُحِيلُ الإعجازَ في وجوبه عليه البتةَ، اللهُمَّ إلاَّ أَنَّ يَجْعل الإعجازَ في الوزن ويَزْعُمَ أنَّ النَسقَ الذي تراه في ألفاظ القرآنِ إنما كان معْجِزاً من أجْل أنْ كان قد حَدث عنه ضرْبٌ من الوزن يَعْجَزُ الخَلْقُ ن أن يأْتوا بمثله؛ وإذا قال ذلك لم يُمْكِنْه أنْ يقولَ إن التحدِّيَ وقَع إلى أن يأْتوا بمثلِهِ، في فصاحَتِه وبلاغَتِه، لأن الوزْنَ ليس هو من الفصاحة والبلاغة في شيءٍ. إذْ لو كان له مَدْخَلٌ فيهما لكانَ يَجبُ في كل قصيدتَيْن أتَّفقَتا في الوزْن أنْ تَتَّفِقا في الفصاحة والبلاغةِ. فإن دعا بعضُ الناس طولَ الإِلْفِ لِمَا سَمعَ من أَنَّ الإعجازَ في اللفظ، إلا أَنْ يَجْعلَه في مجرَّدِ الوزْنِ، كان قد دَخَل في أمرٍ شنيعٍٍ، وهو أنَه يكونُ قد جَعلَ القرآن مُعجِزاً لا مِن حيثُ هو كلامٌ ولا بما به كان لِكَلامٍ فضْلٌ على كلامٍ؛ فليس بالوزْنِ ما كان الكَلامُ كلاماً ولا به كان كلامٌ خَيراً مِنْ كلامٍ.
وهكذا السبيلُ إنْ زعَم زاعِمٌ أنَّ الوصفَ المعجزَ هو الجَرَيانُ والسهولَةُ، ثم يعني بذلك سلامَتَهُ من أن تلتقي فيه حروفٌ تَثْقُل على اللسان لأنه ليس بذلك كان الكلامُ كلاماً ولا هو بالذي يتناهى أَمرُه إنْ عُدَّ في الفضيلة إلى أن يكونَ الأَصْلَ وإلى أن يكونَ المعَّولَ عليه في المفاضَلةِ بين كلامٍ وكلامٍ. فما به كان الشاعرُ مفْلِقاً، والخَطيبُ مِصْقَعاً والكاتبُ بليغاً ...
إعجاز القرآن وموافقة آية كلِّ نبيٍّ لحال عصره

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 392
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست