اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 385
وإذْ قد عرفْتَ ما لَزِمَهم في الاستعارةِ والمجازِ، فالذي يَلزَمُهم في الإيجاز أَعجبُ، وذلكَ أنه يلزَمُهم إنْ كانَ اللفظُ فصيحاً لأَمرٍ يَرْجِعُ إليه نفسه دون معناه، أنْ يكونَ كذلك موجَزاً لأمرٍ يرجِع إلى نفْسِه، وذلك من المُحَال الذي يُضْحَك منه؛ لأنه لا معنى للإيجاز إلاَّ أنْ يَدُلَّ بالقليل من اللفظِ على الكَثير من المعنى؛ وإذا لم تَجعلْهُ وصْفاً لِلَّفظِ من أجْلِ معناه، أبطَلْتَ معناهُ. أعني أبطلْتَ معنى الإيجاز.
ثم إنَّ هاهنا معنًى شريفاً قد كان يَنْبغي أن نكونَ قد ذكَرْناه في أثناء ما مَضَى من كلامِنا، وهو أَنَّ العاقلَ إذا نَظرَ على علْم ضرورةً أنه لا سبيلَ له إلى أنْ يُكثِرَ معانيَ الألفاظِ أو يُقلِّلَها، لأن المعاني المُودَعةً في الألفاظِ لا تتغيَّر على الجملة عما أرادَهُ واضعُ اللغةِ، وإذا ثبَتَ ذلك، ظَهَر منه أَنه لا معنى لقولِنا: كثرةُ المعنى مع قِلَّة اللفظِ: غيرَ أنَّ المتكلَّم يتَوصَّل بدلالةِ المعنى على المعنى، إلى فوائدَ لو أَنه أرادَ الدلالةَ عليها باللفظ، لا حتاجَ إلى لفظٍ كثيرٍ.
سبب تقليد العلماء في خطإِهم والغرور بهم
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 385