responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 353
واعلمْ أَنَّ من الباطلِ والمُحالِ، ما يَعْلمُ الإنسانُ بُطلانَه واستحالتَه بالرجوعِ إلى النفْس حتى لا يَشُكّ؛ ثم إنه إذا أرادَ بيانَ ما يجِدُ في نفْسِه والدلالةِ عليه، رأَى المَسْلكَ إليه يَغْمُضُ ويَدِقُّ. وهذه الشبهةُ - أعني قولهم: إنه لو كان يجُوزُ أنْ يكونَ الأمرُ على خلاف ما قالوه مِن أَنَّ الفصاحةَ وصْفٌ لِلَّفظِ مِنْ حيثُ هو لفظٌ، لكان يَنبغي أَنْ لا يكونَ للبيت من الشعر فضْلٌ على تَفسير المفسِّر إلى آخره - من ذاك، وقد علقتْ لذلك بالنفوس وقَويتْ فيها حتى إنَّكَ لا تلقى إلى أَحدٍ من المتعلِّقين بأمرِ اللفظ كلمةً مما نحنُ فيه إلاَّ كان هذا أوَّلَ كلامهِ، وإِلاَّ عَجِبَ وقال: إن التفسيرَ بيانٌ للمفسَّر فلا يجوز أن يبَقى مِنْ معنى المفسَّر شيءٌ لا يؤديه التفسيرُ ولا يأتي عليه، لأن في تجويز ذلك القولِ بالمُحالِ وهو أن لا يزال يَبْقى مِن معنى المفسَّرِ شيءٌ لا يَكونُ إلى العلم به سبيلٌ. وإذا كان الأمرُ كذلك، ثبَتَ أنَّ الصحيحَ ما قلْناه من أنه لا يجوزُ أن يكونَ لِلَّفظِ المفسَّر فضْلٌ من حيث المعنى على لفظِ التفسيرِ، وإذا لم يَجُزْ أنْ يكونَ الفضلُ من حيثُ المعنى، لم يَبْقَ إلاَّ أنْ يكون من حيثُ اللفَظُ نفسُه: فهذا جملةُ ما يمكِنهُم أنْ يقولوه في نُصْرة هذه الشبهةِ قد استقصيْتُه لكَ؛ وإذ قد عرفْتَه فاسمَعِ الجوابَ، وإلى اللهِ تعالى الرغبةُ في التوفيق للصواب!
رد شبهتهم لو كانت الفصاحة للمعاني لكان التفسير كالمفسَّر
إعلمْ أنَّ قولهم: إنَّ التفسيرَ يجبُ أنْ يكون كالمفسَّر: دعوى لا تَصِحُّ لَهم إلاَّ مِن بعْدِ أنْ يُنْكِروا الذي بيَّناه مِنْ أَنَّ مِن شأْن المعاني أنْ تختلفَ بها الصورُ، ويَدْفعوه أصلاً حتى يدَّعوا أنه لا فرْقَ بين الكنايةِ والتصريح، وأنَّ حالَ المعنى مع الاستعارةِ كحاله مع تَرْك الاستعارة، وحتى يُبْطلوا ما أَطْبَقَ عليه العقلاءُ مِن أنَّ المجازَ يكونُ أبداً أبلغَ من الحقيقة، فَيْزعموا أنَّ قولنا: (طويلُ النِّجادِ وطويلُ القامةِ): واحد، وأنَّ حال المعنى في بيت ابْنِ هَرْمَة [من المنسرح]:
ولا أبتاعُ إلا قريبةَ الأجَلِ

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست