اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 318
وأما حذْفُ الموصوفِ بالعدد، فكذلك شائعٌ، وذلك أَنه كما يَسوغُ أن تقول: (عندي ثلاثة)، وأنتَ تريد: ثلاثةَ أثوابٍ، ثم تَحذفُ لعِلْمكَ أنَّ السامعَ يَعْلمُ ما تُريد، كذلك يسَوغُ أنْ تَقولَ: (عندي ثلاثةٌ)؛ وأنت تُريد (أثوابٌ ثلاثة) لأنه لا فَصْلَ بين أن تَجْعَل المقصودَ بالعددِ مميَّزاً، وبين أنْ تَجعلَهُ موصوفاً بالعدد، في أَنه يَحْسُنُ حذْفُه إِذا عُلِمَ المرادُ. ويُبيِّنُ ذلك أنكَ تَرى المقصودَ بالعددِ قد تُرِكَ ذكرُهُ، ثم لا تستطيعُ أن تُقدِّرَه إِلا موصوفاً، وذلك في قولك: (عندي اثنان وعندي واحد). يكونُ المحذوفُ ههنا موصوفاً لا محالةَ، نحو: (عندي رجلانِ اثنانِ وعندي درهمٌ واحد). ولا يكونُ مميَّزاً البتةَ من حيث كانوا قدْ رَفضوا إضافةَ الواحدِ والاثنينِ إلى الجِنْس، فتركوا أن يقولوا: (واحدُ رجالٍ واثنانِ رجال) على حدِّ "ثلاثةُ رجالٍ" ولذلك كان قولُ الشاعر:
ظَرْفُ عجوزٍ فيه ثِنْتَا حَنْظَلِ
شاذّاً.
هذا ولا يَمتنِعُ أنْ تَجْعلَ المحذوفَ من الآية في موضع التمييز، دون موضعِ الموصوفِ، فتجعلَ التقديرَ "ولا تقولوا ثلاثة آلهة"، ثم يكونُ الحكْمُ في الخبر على ما مضى، ويكون المعنى، واللهُ أَعلمُ "ولا تقولوا لنا أو في الوجود ثلاثةُ آلهة".
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 318