responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 302
هذا، وسبَبُ دخولِ الشُّبهةِ على ما دَخَلَتْ عليه أنه، لمَّا رأى المعانيَ لا تَتَجلَّى للسامع إلاَّ من الألفاظِ، وكان لا يوقَفُ على الأمور التي، بِتَوخِّيها، يكونُ النظْمُ، إلاَّ بأنْ يَنْظُر إلى الألفاظ مرتَّبةً على الأنحاء التي يُوجبُها ترتيبُ المعاني في النفس؛ وجرتِ العادةُ بأن تكون المعاملةُ مع الألفاظِ فيقالُ: قد نَظَم ألفاظاً فأحْسَنَ نظْمَها، وألَّفَ كَلِماً، فأجادَ تأليفَها - جعل الألفاظ الأصل في النظم، وجعله يُتوخَّى فيها أنفُسُها، وتَركَ أنْ يُفكَّر في الذي بيَّنَّاهُ، من أنَّ النظْمَ هو توخي معاني النحوِ في معاني الكلم وأنَّ توخِّيها في متون الألفاظ مُحال. فلما جعلَ هذا في نفسه ونشِبَ هذا الاعتقادُ به، خَرَجَ له من ذلك، أنَّ الحاكي إذا أدَّى ألفاظَ الشعرِ على النسق الذي سَمِعَها عليه، كان قد حكَى نظْمَ الشاعرِ كما حكَى لفظَه؛ وهذه شُبْهةٌ قد مَلَكَتْ قلوبَ الناس، وعشَّشَتْ في صدورهم، وتَشَرَّبَتْها نفوسُهم، حتى إنك لَتَرى كثيراً منهم، وهي مِنْ حُلُولها عندَهم محلَّ العلمِ الضروري، بحيث إنْ أو مأْتَ له إلى شيء مما ذَكَرْناه أشمازَّ لك، وسَكَّ سَمْعَهُ دَونك، وأظهرَ التعجُّبَ منك، وتلك جريرة تَرْكِ النظرِ، وأخْذِ الشيءِ من غير مَعْدِنه، ومِنَ الله التوفيقُ.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست