اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 264
وجدْتَهُ يَدْخُل في معنى بيتِ زياد، وذلك أنه توصَّلَ إلى نفي اللَّوْم عنها، وإبعادها عنه، بأن نَفَاه عن بيتها وباعَدَ بينَهُ وبَيْنَهُ، وكان مَذْهبُه في ذلك مذْهَبَ زياد في التوصل إلى جَعْلِ السماحةِ والمروءةِ والندى في ابنِ الحَشْرَجِ بأن جعَلَها في القبة المضروبةِ عليه. وإنما الفرقُ أنَ هذا يَنْفي وذاك يُثْبِتُ؛ وذلك فَرْقٌ لا في موضِعِ الجمعِ، فهو لا يَمْنَعُ أن يكونا مِنْ نِصَابٍ واحدٍ.
ومما هو في حُكْم المناسِب لبيتِ زياد وأمثالهِ التي ذكَرْتُ وإنْ كان قد أُخْرِجَ في صورةٍ أغربَ وأَبدَعَ، قولُ حسَّان رضي الله عنه [من الطويل]:
بَنَى الْمَجْدَ بَيْتاً فَاسْتَقَرَّتْ عِمَادُه ... عَليْنا فأعْيى الناسَ أنْ يَتَحوَّلا
وقولُ البحتري [من الكامل]:
أَوَ ما رأيتَ المجدَ ألقى رحْلَه ... في آلِ طلحةَ ثم لم يَتحوَّلِ
ذاكَ لأنَّ مدَارَ الأمرِ على أنَّه جَعَلَ المجْدَ والممدوحَ في مكانٍ، وجعَلَه يكونُ حيثُ يكونُ.
واعلمْ أنه ليس كلُّ ما جاء كنايةً في إثباتِ الصفةِ، يَصْلحُ أَنْ يُحْكَمَ عليه بالتناسُبِ. معنى هذا أنَّ جعْلَهمُ الجُودَ والكَرَمَ والمجْدَ، يَمْرضُ بِمَرضِ الممدوحِ، كما قال البحتري [من الطويل]:
ظَلِلْنا نَعودُ الجودَ من وَعْكِكَ الذي ... وجَدْتَ وقلْنا اعتَلَّ عضوٌ من المَجْدِ
وإنْ كان يَكونُ القصْدُ منه إثباتَ الجودِ والمجدِ للممدوح، فإنه لا يَصِحُّ أنْ يقال إِنه نظيرٌ لبيتَ زياد، كما قلنا ذاك في بيت أبي نواس [من الطويل]:
ولكنْ يصَيرُ الجودُ حيثُ يصَيرُ
وغيرِه مما ذكَرْنا أنه نظيرٌ له؛ كما أنه لا يجوز أن يُجْعَل قَولُه:
وكلبُكَ أرافُ بالزائرينَ
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 264