اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 222
واعلمْ أنَّ الداءَ الدَّويَّ والذي أعيى أمرُهُ في هذا الباب، غَلطُ منْ قدَّمَ الشعرَ بمعناه، وأقلَّ الاحتفالَ باللفظ، وجعَلَ لا يُعطيهِ مِنَ المزيَّةِ - إنْ هو أَعطى - إلاَّ ما فَضَل عن المعنى، يقول: (ما في اللفظ لولا المعنى، وهل الكلامُ إلا بمعناه)؟ فأنتَ تراه لا يُقدِّم شعراً حتى يكونَ قد أَوْدَعَ حكمةً وأَدباً، واشتمل على تشبيهٍ غريبٍ ومعنى نادر؛ فإنْ مالَ إلى اللفظ شيئاً ورأى أن ينحلَه بعضَ الفضيلةِ لم يَعِرفْ غيرَ الاستعارةِ، ثم لا يَنْظُر في حال تلك الاستعارةِ: أَحَسُنَتْ بمجرَّدِ كونِها استعارةً، أَمْ مِن أجْل فَرْقٍ ووَجْهٍ، أم للأمرَيْن؟ لا يحفلُ بهذا وشبهه. قد قَنَعَ بظواهر الأمورِ وبالجُمَل، وبأن يكون كَمَنْ يَجْلُبُ المتاعَ للبيع؛ إِنما همُّه أن يروج عنه. يرى أنه إذا تكلم في الأخذ والسرقة وأحْسَنَ أن يقول: أخذَهُ من فلان، وألمَّ فيه بقولِ كذا، قد استكمل الفضْلَ وبلغَ أقصى ما يرادُ.
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 222