responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 176
وإذا استقرَيْتَ وجدْتَ الأمرَ كذلك أبدا؛ متى كان مفعولُ المشيئةِ أمراً عظيماً أو بديعاً غريباً، كان الأَحْسَنَ أنْ يُذكَرَ ولا يُضْمَر. يقول الرجلُ يُخْبِرُ عن عِزَّة نفسِه: (لو شئتُ أن أَردَّ على الأمير ردَدْتُ، ولو شئتُ أن أَلْقى الخليفَةَ كلَّ يومٍ لَقِيتُ). فإذا لم يكن مما يُكْبِرُهُ السامعُ، فالحذفُ. كقولك: لو شئتُ خرجتُ، ولو شئتُ قمتُ، ولو شئتُ أنصفتُ، ولو شئتُ لقلت. وفي التنزيل {لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هاذا} [الأنفال: 31]. وكذا تقول: لو شئتُ كنتُ كزيد، قال [من البسيط]:
لو شئتُ كنتُ كَكُرْزٍ في عبادتِه ... أو كَابْنِ طارِفَ حولَ البيتِ والحَرَمِ
وكذا الحكُمُ في غيره من حروف المُجَازاة أن تقول: إن شئتُ قلتُ، وإن أَردتُ دفعتُ. قال الله تعالى: {فَإِن يَشَإِ الله يَخْتِمْ على قَلْبِكَ} [الشورى: 24] وقال عزَّ اسْمُه {مَن يَشَإِ الله يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39]. ونظائر ذلك من الآي ترَى الحذْفَ فيها المستمرَّ.
وممَّا يُعْلَمُ أَنْ ليس فيه لغيرِ الحذْفِ وجهٌ، قولُ طرفة [من الطويل]:
وإنْ شئتُ لم تُرْقِلْ وإنْ شئتُ أرْقَلَتْ ... مخافَةَ مَلْوِيٍّ مِنْ القِدِّ مُحْصَدِ
وقولُ حميد [من الطويل]:
إذا شئتُ غنَتْني بأجزاعِ بِيشَةٍ ... أو الزُّرْقِ من تَثليثَ أَوْ بيَلَمْلما
مُطَوَّقةٌ ورقاءُ تَسْجَعُ كَلَّما ... دَنا الصيفُ وانجابَ الربيعُ فأَنجَما
وقولُ البحتري [من الطويل]:
إذا شاءَ غادى صِرمةً أو غدا على ... عقائلِ سِرْبٍ أو تَقَنَّصَ رَبْرَبا
وقولُه [من الكامل]:
لو شئتَ عُدْتَ بلادَ نَجْدٍ عَوْدةً ... فحَللْتَ بين عقيقهِ وزَرْودِهِ
معلوم أنكَ لو قلْتَ: (وإن شئتَ أن لا تُرْقِلَ لم تُرْقل. أو قلتَ: إذا شئتُ أن تُغنِّيني بأجزاع بيشة غنَّتْني، وإذا شاء أن يُغادي صرمةً غادى، ولو شئتَ أن تَعودَ بلادَ نجدٍ عودةً عُدْتَها): أذْهَبْتَ الماءَ والرونقَ، وخرجْتَ إلى كلامٍ غَثٍّ، ولفظٍ رَثٍّ، وأما قولُ الجوهري [من الطويل]:
فلم يُبْقِ منِّي الشوقُ غيرَ تَفكُّري ... فلو شئتُ أن أبكي بكَيْتُ تَفَكُّرا

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست