responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 115
تفاوت الاستعارة في اللفظ الواحد وتعددها للتناسب
ومن سرِّ هذا الباب، أنك تَرى اللفظة المستعارة قد استُعيرتْ في عدَّةِ مواضعَ، ثم تَرى لها في بعض ذلك، مَلاحةً لا تَجِدُها في الباقي. مثال ذلك أنك تَنْظر إلى لفظة "الجسر" في قول أبي تمام [من البسيط]:
لا يَطْمعُ المرءُ أن يجْتابَ لُجَّتَهُ ... بالقولِ ما لم يَكُنْ جِسْراً له العَمَلُ
وقوله [من البسيط]:
بَصْرْتَ بالرَّاحةِ العُظمى فلم تَرَها ... تُنَال إلا عَلَى جسرٍ من التعَبِ
فترى لها في الثاني حُسْناً، لا تَراه في الأَول؛ ثم تنظر إليها في قول ربيعة الرَّقِّي [من البسيط]:
قولي: "نعم"! و "نعم" إن قُلْتِ، واجبةٌ ... قالت: "عسى"! و "عسى" جِسْرٌ إلى نَعَمِ
فتَرى لها لُطْفاً وخَلابةً وحُسْناً، ليس الفَضْلُ فيه بقليل.
ومما هو أَصْلٌ في شرَف الاستعارة، أن تَرى الشاعرَ قد جمعَ بين عدةِ استعاراتٍ قَصْداً، إلى أَنْ يُلحقَ الشكلَ بالشكل وأن يُتِمَّ المعنى والشَّبهَ فيما يريد. مثالُه قولُ امرئ القيس [من الطويل]:
فقلتُ له لما تَمطَّى بصُلْبه ... وأَرْدَف أَعجازاً وناءَ بكَلْكَلِ
لمَّا جعلَ لِلَّيل صُلْباً قد تمطَّى به، ثَنَّى ذلك فجعَلَ له أَعجازاً قد اردف بها الصُّلْبَ، وثلََّثَ فجعَل له كَلْكَلاً قد ناءَ به، فاسْتَوفى له جملةُ أركانِ الشَّخصِ، وراعى ما يرَاه الناظرُ من سَواده، إذا نظرَ قُدَّامه، وإذا نَظَر إلى خَلْفِه، وإذا رفَعَ البصرَ ومدَّه في عُرْض الجَوِّ.
شرح معنى النظم الذي يظهر فيه سر البلاغة

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست