اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 311
إما شاكراً وإما كفورا: شاكراً صيغة إسم فاعل وكفورا صيغة مبالغة لم يجعلهما على نمط واحد لم يقل إما شاكراً وإما كافراً أو إما شكوراً وإما كفورا. لأن الشكور قليل مصداقاً لقوله تعالى (وقليل من عبادي الشكور) ول قال تعالى شكورا لكان أخرج من بينهم الشاكرين وهم الأكثر فالآية حينها لن تشكل مجموعة الخلق الشاكرين. وكذلك لم يقل كافراً (اسم فاعل) لأن الكافر لم يستعملها القرآن الكريم مقابل الشاكر وإنما بمقابل المؤمن (فمنكم كافر ومنكم مؤمن) إذن لا تصح المقابلة (شاكرا) و (كافرا) لأن القرآن لم يستعملها هكذا. صيغة كفور يستعملها القرآن لأمرين: للكافر المبالغ في الكفر (إن الإنسان لكفور مبين) (وكذلك نجزي كل كفور) ولجاحد النعمة غير الشاكر (إما شاكراً وإما كفورا) (وكان الشيطان لربه كفورا) . وهنا يأتي سؤال: كي تكون كفرواً بمعنى غير شاكر في قوله تعالى (وكان الشيطان لربه كفورا) ؟ يدل على ذلك اللام في (لربه) لأن الكفر المقابل للإيمان يُعدّى بالباء لا باللام كما في قوله تعالى (إن الذين يكفرون بالله ورسوله) (وكانوا بشركائهم كافرين) فلا نقول يكفر لله وإنما يكفر بالله. وكذلك الكفر المقابل للشكر لا يُعدّى باللام فكفران النعمة يتعدى بنفسه (فاشكروا لي ولا تكفرون) بمعنى كفر النعمة أو كفر صاحب النعمة (وإن كفرتم) إذن ما هي اللام في (لربه) ؟ اللام هنا هي لام التقوية إذا جئنا بصيغة المبالغة أو اسم الفاعل هذا الفعل الذي يتعدى بنفسه يمكن إضافة لام التقوية له كما في قوله تعالى (وهو الحق مصدقاً لما معه) فعل صدّق يتعدى بنفسه واللام للتقوية وكذلك قوله تعالى) فعّال لما يريد) أي فعّال ما يريد. إذا تأخر الفعل أو كان مصدراً أو صيغة مبالغة قد يُؤتى باللام المقوّية كما جاء في قوله تعالى (وكان الشيطان لربه كفورا) .
اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 311