باب الصلح
والصلح جائز بين المسلمين, إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلال. كذلك روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما, أو حرم حلالا.
والصلح على الإقرار, هضم للحق, وإلزام الذمة ما ليس عليها, فإن تطوع المقَر له بإسقاط بعض حقه على طريق الترك بطيبة من نفسه, أو التزم المنكر بعض ما ادعي عليه بطيبة من نفسه, جاز في الوجهين, غير أن ذلك ليس بصلح, ولا هو من باب الصلح بسبيل. فإن أُلزم المقر له ترك بعض حقه, فتركه عن غير طيبة من نفسه, أو ألزم المنكر بعض الدعوى بغير طيبة من نفسه, لم يطب ذلك للآخذ في الوجهين جميعا.
فأما الصلح الجائز؛ فهو صلح الورثة للزوجة من صداقها الذي لا بينة لها به, ولا علم للورثة بمبلغه, فيصح الصلح فيه لتخليص الميت. وكذلك الرجلان يكون بينهما المعاملة والحساب الذي قد مضى عليه الزمان الطويل, ولا علم لكل واحد منهما بما عليه لصاحبه, فيجوز الصلح بينهما.
وكذلك من كان عليه حق لا علم له بقدره جاز أن يصالح عليه. وسواء كان صاحب الحق يعلم قدر حقه ولا بينة له به, أو لا علم له بقدره.
ويقول القابض: إن كان قد بقي لي عليك حق, فأنت منه في حل. ويقول الدافع: إن كنت أخذت مني أكثر من حقك, فأنت منه في حل.
والصلح جائز بالنقد والنسيئة.