responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهداية على مذهب الإمام أحمد المؤلف : الكلوذاني، أبو الخطاب    الجزء : 1  صفحة : 268
والسُّكُوتِ، فَهُوَ أن يدَّعِيَ عَلَيْهِ مَالاً عيناً، أو دَيْناً فَيُنْكِرهُ، ويَسْكُتُ فَلا يُقِرُّ وَلاَ يُنْكِرُ فَيُصَالْحُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ، فَيَكُونُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي بِمَنْزِلَةِ البَيْعِ؛ لأنَّهُ يَزْعُمُ أنَّهُ مُحِقٌّ في دَعْوَاهُ، وأنَّ الذي أخَذَهُ بِعَقْدِ صُلْحٍ عِوَضاً عَنْ مَالِهِ فَيُلْزِمُهُ حُكْمُ إقْرَارِهِ حَتَّى إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ شِقْصاً [1] في دَارٍ وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، ويَكُونُ في حَقِّ الْمُنْكِرِ بِمَنْزِلَةِ الإبْرَاءِ؛ لأنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ لافْتِدَاءِ اليَمِيْنِ وإسْقَاطِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ فإنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ شِقْصٍ في دَارٍ لَمْ تَجِبْ فِيهِ الشُّفْعَةُ؛ لأنَّ الْمُنْكِرَ يَزْعُمُ أنَّهُ عَلَى مُلْكِهِ لَمْ يَزَلْ، وما مَلَكَهُ بالصُّلْحِ، وَلِهَذَا إذَا وَجَدَ في الشِّقْصِ عَيْباً لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعِي، وهذا إذا كَانَا صَادِقَيْنِ، فإنْ كَانَ أحَدُهُمَا كَاذِباً فَالصُّلْحُ صَحِيْحٌ في الظَّاهِرِ بَاطِلٌ في البَاطِنِ، فإنْ صَالَحَ عَن الْمُنْكِرِ أَجْنِبِيٌّ صَحَّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ /162ظ/ بإذْنِ الْمُنْكِرِ، أو بِغَيْرِ إذْنِهِ إلاَّ أنَّهُ إنْ كَانَ بإذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وإنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلا يَرْجِعُ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، ويَرْجِعُ في الآخَرِ إذَا نَوَى الاحْتِسابَ عَلَيْهِ فإنْ صَالَحهُ الأَجْنَبِيُّ عَنْ نَفْسِهِ لِتَكُونَ الْمُطَالبَةُ لَهُ، فَلا يَخْلُو أنْ يَعْتَرِفَ الأجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي بِصِحَّةِ دَعْوَاهُ ويَقُولُ: أنْتَ مُحِقٌّ في دَعْوَاكَ فَصَالِحْنِي عَلَى مَالٍ أدْفَعُهُ إلِيكَ عَنْهُ فإنِّي قادِرٌ عَلَى اسْتِنْقاذِهِ مِنْهُ. فإنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ لَكِنَّهُ إنْ عَجَزَ عَن الاسْتِنْقَاذِ كَانَ بِالْخِيارِ بَيْن فَسْخِ الصُّلْحِ وإمْضَائِهِ، أو لا يَعْتَرِفُ لَهُ بِصِحَّةِ دَعْواهُ ويَقُولُ: صَالِحْنِي. فَلا يَصِحُّ الصُّلْحُ مَعَ إنْكَارِهِ؛ لأنَّهُ لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَى الصُّلْحِ بِخِلافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فانَّه مُحْتَاجٌ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ.

بَابُ الصُّلْحِ فِيْمَا لَيْسَ بِمَالٍ مِنَ الْحُقُوْقِ
يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ العَمْدِ بِمالٍ يَزِيْدُ عَلَى قَدَرِ الدِّيَّةِ أو يَنْقُصُ عَنْهُ، ولا يَصِحُّ عَنْ قَتْلِ الْخَطَأِ بأَكْثَرِ مِن الدِّيَّةِ مِنْ جِنْسِ الدِّيَّةِ، ويَجُوزُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، فإنْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ عَبْداً قَيْمَتُهُ مِئَة فَصَالَحَهُ عَلَى مِئَةٍ وَعَشَرَة لَمْ يَصِحَّ، وإنْ صَالَحَهُ عَلَى عَرَضٍ قيْمَتُهُ أكْثَرُ مِنْ مِئَةٍ جَازَ ويَكُونُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ حَالاً في مَالِ القَاتِلِ، ويَصِحُّ الصُّلْحُ عَن القِصَاصِ بِكُلِّ مَا يَثْبِتُ مَهْراً، فإذا صَالَحَ عَلَى عبْدٍ غَيْر مَوْصُوفٍ أو حَيَوَانٍ ثَبَتَ وَوجَبَ الوَسَطُ، ويَتَخَرَّجُ عَلَى قَولِ أبي بَكْرٍ [أنهُ] [2] لا يَصِحُّ. فإنْ صَالَحَ عَلَى دَارٍ غَيْر مُعَيَّنَةٍ، ولا مَوْصُوفَةٍ فَصَالَحَ الْمُشْتَري لِشَفِيعٍ عَلَى مَالٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، فإن ادْعَى عَلَى رَجُلٍ أنَّه قَذَفَهُ، فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أن يَعْفِيَهُ عن الْمُطَالَبَةِ، فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وهَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ بِحَدِّ القَذْفِ؟ إنْ قُلْنا: إنه حَقٌّ للهِ تَعَالَى لَمْ يَسْقُطْ

[1] الشِّقْص: هُوَ القطعة من الأرض. الصحاح 3/ 1043، والمعجم الوسيط: 488 (شقص).
[2] زيادة من عندنا ليستقيم النص.
اسم الکتاب : الهداية على مذهب الإمام أحمد المؤلف : الكلوذاني، أبو الخطاب    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست