اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الصلاة المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 568
هذا أن المصلي إلى القبلة باجتهاده مصيب لما عند الله وأن استقبل غير جهة الكعبة وعلى هذا فيظهر تخيير العامي في تقليد من شاء في القبلة وأيضا فلا فرق بل يقال التخيير في القبلة أولى من التخيير بين اعيان المفتين لأن من استوت عنده الجهات صلى إلى حيث شاء ومن تكافات عنده الدلالات امسك عن الفتيا حتى يتبين له الحق وذلك لأن {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ولا يجوز أن يقال أي شيء قلتم فهو حكم الله ولأن التخيير بين الجهات لا تناقض فيه بل هو كالتخيير بين انواع القراءات في التشهد بخلاف التخيير بين اعتقاد التحليل والتحريم ونحو ذلك فإنه متناقض والمنصوص عنه في غير موضع وهو مذهب معروف أن الحق عند الله واحد وعلى المكلف أن يطلبه والمصيب له واحد وليس هذا موضع استقصاء في ذلك ولا ريب أن كون الحق عند الله واحدا في باب الأحكام ابلغ في باب الاستقبال ونحوه لأن المختلفين في القبلة وأن كان يعلم أن بعضهم مستقبل غير القبلة فجعل جهة غير القبلة قبلة أمر معهود في الشرع في حال الخوف والتطوع على الراحلة وهو في هذه الحال مستقبل القبلة التي شرعها الله له ظاهرا وباطنا فكذلك في حال الجهل بها للاشتباه أي جهة ولاها فثم وجه الله بخلاف حكم غير الحكم الذي حكم الله فإنه لا يجوز أن يكون هو حكم الله ظاهرا وباطنا بالنسبة إلى أحد من المكلفين كما هو مقرر في موضعه وأن قلنا هو مصيب في اجتهاده مخطىء بحكم الله أو قلنا هو مخطئ فيهما جميعا لكن الفرق بين التقليد في القبلة والتقليد في الأحكام أن تقليد الاوثق فيه
اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الصلاة المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 568