اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الصلاة المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 508
انفسهم وسن أن اجتزنا بها الاسراع" فروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا انفسهم إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل الذي أصابهم ثم قنع رسول الله صلى الله عليه وسلم راسه واسرع السير حتى أجاز الوادي" متفق عليه.
وقد قيل أنه صلى الله عليه وسلم اسرع السير بوادي محسر صبيحة مزدلفة وسن للحجيج الاسراع فيه لأنه المكان الذي نزل على أهل الفيل فيه العذاب وحسر فيلهم فيه أي انقطع عن الحركة إلى جهة مكة ويقال أنه يخسف بقوم فيه فإذا كان المكث في مواقع العذاب والدخول إليها لغير حاجة منهي عنه فالصلاة بها أولى ولا يقال فقد استثنى ما إذ كان الرجل باكيا لأن هذا الاستثناء من نفس الدخول فقط فأما المكث بها والمقام والصلاة فلم ياذن فيه بدليل حديث علي ولأن مواضع السخط والعذاب قد اكتسبت السخط بما نزل ساكنيها وصارت الأرض ملعونة كما صارت مساجد الأنبياء مثل مسجد إبراهيم ومحمد وسليمان صلى الله عليهم مكرمة لاجل من عبد الله فيها واسسها على التقوى فعلى هذا كل بقعة نزل عليها عذاب لا يصلى فيها مثل أرض الحجر وارض بابل المذكورة ومثل مسجد الضرار لقوله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً}.
اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الصلاة المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 508