responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 332
بِالْمَطَاعِمِ الَّتِي يَطْعَمُهَا؛ وَلِهَذَا حَرَّمَ اللَّهُ الْخَبَائِثَ حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ حَرَّمُ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ؛ لِمَا فِي طِبَاعِهَا مِنَ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ، فَيُورِثُ بِطِبَاعِ آكِلِهَا مَا فِي طِبَاعِهَا، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ وَمَا يُقَارِبُهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إِيمَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا دَعْوَى كَوْنِ الْوُضُوءِ هُوَ غَسْلُ الْيَدِ وَالْفَمِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: الْوُضُوءُ الْمُطْلَقُ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ هُوَ وُضُوءُ الصَّلَاةِ.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي سِيَاقِ الصَّلَاةِ مُبَيِّنًا حُكْمَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ، وَالْوُضُوءُ الْمَقْرُونُ بِالصَّلَاةِ هُوَ وُضُوءُهَا لَا غَيْرُ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ هُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ، فَفَهِمَ مِنْهُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ، وَأَوْجَبَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا سَمِعَ.
وَهَذِهِ الْوُجُوهُ مَعَ غَيْرِهَا كَمَا يُقَالُ فِي مَسِّ الذَّكَرِ.
وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَحْمِ الْغَنَمِ نَاهِيًا عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ الْغَنَمِ، أَوْ مُخَيِّرًا بَيْنَ الْوُضُوءِ وَتَرْكِهِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْفَمِ وَالْيَدِ مِنْ لَحْمِ الْغَنَمِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ (وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ) فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ» ".
فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِي تَرْكِ غَسْلِ الْيَدِ وَالْفَمِ مِنْ لَحْمِ الْغَنَمِ وَهُوَ يُلْزِمُ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ؟ قَالَ أَصْحَابُنَا: مَا كَانَ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ لَهُ رَائِحَةٌ أَوْ زُهُومَةٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ وَالْفَمِ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَالْخُبْزِ وَالثَّمَرِ، فَإِنْ شَاءَ غَسَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.

اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست