responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 330
وَسَلَّمَ؛ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ " وَهَذِهِ سُنَنٌ صَحِيحَةٌ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا، وَلَا يَصِحُّ ادِّعَاءُ نَسْخِهِ؛ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَحْمِ الْغَنَمِ، فَأَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ هَذَا، وَنَهَى عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ هَذَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا قَبْلَ النَّسْخِ لَأَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُمَا.
وَثَانِيهَا: أَنَّ لَحْمَ الْإِبِلِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لِكَوْنِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ، لَا لِكَوْنِهِ مَمْسُوسًا بِنَارٍ يَقْتَضِي الْوُضُوءَ، نَيُّهُ وَمَطْبُوخُهُ، لَكِنْ كَانَ النَّقْضُ بِمَطْبُوخِهِ لِعِلَّتَيْنِ زَالَتْ إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَتِ الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ مَسَّ الرَّجُلُ فَرْجَ امْرَأَتِهِ لِشَهْوَةٍ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ لِسَبَبَيْنِ، فَلَوْ زَالَتِ الشَّهْوَةُ بَقِيَ مُجَرَّدُ مَسِّ الْفَرْجِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَمْ يَجِئْ حَدِيثٌ بِنَسْخِهِ، فَإِنَّ قَوْلَ جَابِرٍ: «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» " إِنَّمَا هُوَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ وَحِكَايَةُ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْ لَحْمٍ مَسَّتْهُ النَّارُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمٍ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَذَاكَ كَانَ لَحْمَ غَنَمٍ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ، فَأَخْبَرَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِنْهُ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا عُمُومٌ، وَلَمْ يَحْكِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَفْظًا عَامًّا، وَإِنَّمَا يُفِيدُ هَذَا أَنَّ مَسِيسَ النَّارِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: " لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ تَصْرِيحِ السُّنَّةِ بِالْفَرْقِ " وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَرَسُولُهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: " {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275] " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا، وَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدُ الْوَضْعِ؛ لِمُخَالَفَةِ النَّصِّ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِفَةٌ عَامَّةٌ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ - مَعَ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ - لَكَانَ عَامًّا، وَالْعَامُّ لَا يَنْسَخُ الْخَاصَّ، لَا سِيَّمَا الَّذِي فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ، بَلْ يَكُونُ الْخَاصُّ مُفَسِّرًا لِلْعَامِّ وَمُبَيِّنًا لَهُ.

اسم الکتاب : شرح العمدة - كتاب الطهارة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست