قوله رحمه الله: [فعَليْه دينارٌ، أو نِصْفُه]: الأصل في هذا حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقد اختلف في رفعه، ووقفه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال في الذي يأتي إمرأته، وهي حائض: [يتصدّقُ بدينار، أو نصفِ دينارٍ] رواه الخمسة، وقال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة قال: [بدينار، أو نصفِ دينار] وحسنه غير واحد من أهل العلم؛ قال الإمام أحمد: ما أحسنَ حديثَ عبد الحميدِ عن مِقْسم عن إبنِ عباسٍ، فقيل: تذهب إليه؟ فقال: نعم، وقد صحّح هذا الحديث الحاكم، وابن القطان، وابن دقيق العيد، وغيرهم، هذا الحديث أمر فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يتصدق من جامع الحائض بدينار، أو نصفِ دينار، ثم اُختلف في هذه الصدقة، فقال بعض العلماء: دينار، أو نصف دينار على التخيير، أي أنه مخيّرٌ، إن شاء تصدّق بدينار، وإن شاء تصدّق بنصفه، وهذا القول هو إحدى الروايات عن الإمام أحمد -رحمة الله عليه-، واستشكل بعض العلماء كيف يؤمر بالأقل، والأكثر في كفّارة واحدة، وهذا ليس بإشكال؛ فإن الله -عز وجل- أمر من أفطر، وكان شيخاً كبيراً، أو لا يطيق الصوم بالفدية إطعام مسكين وهو الأقل، ثم قال: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [1] فبين أنّ له أن يزيد بأكثر، فدل على أنه قد ترد الكفارة بالجمع بين الأقل والأكثر، فنقول: لا مانع من أن الشرع يأمر بالدينار، ونصفه، ولا يتجه اعتراضهم بأنه جمع بين الكامل، ونصفه؛ لأنه جمع بين إِجْزاءٍ، وكمال، لا بين إجزاءين، وله نظائر منها: [1] البقرة، آية: 184.