ثانياً: قوة ما ذكره أصحاب هذا القول من دليل السنة.
قوله رحمه الله: [ولا رِيحٍ] أي لا يطهر الموضع المتنجس بالرّيح إذا أذهبت الريح النجاسة، مثال ذلك: لو أن إنساناً أصابت ثوبه نجاسةٌ، فنشره، فجاءت الريح وعبثت بالثوب حتى لم يبق للنجاسة أثر في الثوب؛ فحينئذٍ نقول: إن جريان الريح لا يوجب زوال الوصف المستيقن من كونه نجساً، بل لا بد من الغسل.
قوله رحمه الله: [ولا دَلكٍ] مراده أن الدّلك لا يُزيل النجاسة، وهذا هو الأصل فيه: أنه لا يزيل النجاسة إلا أن الشرع استثنى بعض الأحوال، فاعتبره مزيلاً فيها، ومن هنا فإن للدّلك حالتين:
الحالة الأولى: ثبت الشرع باعتبارها مُطَهِّرةً.
والحالة الثانية: بقيت على الأصل من كون الموضع لا يطهر إلا بالغسل.
أما الحالة التي ثبت الشرع باعتبار الدّلك فيها مطهراً فهي في نجاسة الحذاء، وثوب المرأة؛ ففي الحديث الصحيح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه أمر بالصلاة بالنعال، ومخالفة اليهود فقال: [صَلُّوا في نِعَالِكُمْ] ثم قال: [فإِنْ وجَدَ أحَدكُم فِيهما أذَىً فليدْلكهما بالأرض، ثم ليُصلِّ فِيهِما]، فدل هذا على أن النجاسة تطهر بالدّلك، لعموم الأذى.
ولما سُئل -عليه الصلاة والسلام- عن ثوب المرأة يصيب النجاسة عند جرّها له؛ لأن السُّنة في المرأة إذا لبست العباءة أن تكون سابغة بحيث تزيد إلى شبر، أو ذراع، وهذا أبلغ في السّتر، وهذه سنّة أضاعها كثير من نساء المؤمنين خاصةً في هذا الزمان، فلما سُئلَ عما يُصيبهُ ذلك الثوب من النجاسة فقال: