الكافّة كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام رحمه الله، وبيّن أنه مما توافرت الدواعي لحفظه، وهو: ربع صاع بالنسبة لمدِّ المدينة، وعرف المدينة باقٍ على الأصل وقد حرّرت ذلك بنفسي بالنّقل عن كبار السن، وعندهم طريقة: أنه إذا صنع الصّانع المدَّ لا بد من أن يُحرّر، والتَّحْرير أنهم يأخذون صاعاً قديماً حُرّر على أقدم منه، وهكذا حتى يضبطوه؛ ولم تكن عندهم المعايير المنضبطة مثل التي في المصانع الآن، فالصاع رُبَّما وسَّعه الصَّانع، وربما ضيَّقه ففي بعض الأحيان عند تَحْريره للمدِّ الجديد يقول لك: هذا المد مَسْح أي: إذا امتلأ الطعام إمسحه، ولا تزد، وفي بعض الأحيان يقول لك: إملأه حتى يتساقط يعني أن تحريره، وضبطه: أن تملأه حتى يتناثر، والمدُّ يعدل ربعَ الصَّاع والصاع النبوي هو: صاع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو أربعة امداد يعني من كل مدّ الذي هو ملءُ اليدين المتوسطتين لو ملأت بها أربع مرات، أو حثوت بها أربع مرات طعاماً، أو تراباً ملأت الصّاع، وهذا الصّاع كما قلنا وِحْدَة من الكيل فوق المدّ تارة يقولون للمد الصغير: هذا صاع نبوي، ولكن المشهور الصاع الكبير، ويسمونه ربع صاع.
وكذلك -أيضاً- هناك وحدة ثالثة مشهورة في زماننا وهي المدّ الكبير، والمدُّ الكبر ثلاثةُ أضعاف الصّاع يعني: ثلاثة آصع تملأ المد الكبير، وهو الذي يُسَمى في زمان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ[الفَرَقْ] وهو الوارد في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له في فدية الأذى في النُّسك: [أَطْعِمْ فرَقاً بَيْنَ سِتّةِ مسَاكينَ] فالفرق: المدُّ الكبيرُ، وعليه إذا كان يسع الثلاثة آصع فمعناه: أنه إِثنا عَشَر مداً صغيراً،