عليهم- وممن رُوي عنه هذا القول الإمامُ مالك، وكذلك عن الإمام أحمدَ رواية فأصحاب هذا القول شددوا في الغسلة الثانية، والثالثة لأنه يفعلها معتقداً الفضل، ولم يفعلها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع أنه ثلّث في الأعضاء، ومن ثمّ قالوا التثليث في الغسل بدعة، وشددوا فيه بقصد العبادة؛ لكن لو أنه غسل الغسلة الأولى قاصداً رفع الجنابة، ثم غسل المرة الثانية، والثالثة لمبالغة التنظيف كما هو الحال الآن يغسل بالصابون، ثم يحتاج إلى صبّةٍ ثانية، وصبّةٍ ثالثة، فلا حرج لأنها خرجت إلى قصد النظافة، لا إلى قصد العبادة، وفَرْقٌ بين قَصْدِ العبادةِ، وقصد النظافة.
أما لو ثلّث غسل بدنه قاصداً العبادة فهو بدعة في قول من ذكرنا، وهذا القول هو الصحيح فإنّ النّاظر في أحاديث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غُسْله كلّها نصّت على أنه أفاضَ إفاضَةً واحدةً -عليه الصلاة والسلام-، ولم يُثنِّ، ولم يُثلّثْ -وبأبي، وأمي عليه الصلاة والسلام- لو كان الفضل في التثنية، والتثليث لما تركه -عليه الصلاة والسلام-، ولفعله في غسله، ولو مرة واحدة، أو لتكرر منه كما تكرر منه التثليث في الوضوء.
والمصنف رحمه الله مشى على الرواية الثانية عن الإمام أحمد، ويقول بها بعض الشافعية -رحمة الله عليهم- أنه يستحب التثليث في الغسل.
قوله رحمه الله: [ويَدْلِكُه، ويتيامن]: ويدلِكه أي: يدلك البدن مبالغة في الإنقاء، والتطهير، وإيصال الماء إلى البدن.