وأما المعاملة: فمثل: أن تعطي إبنك المال، فإنها عادة، ولكنّها تنقلب عبادة إذا قصدت بها وجه الله تعالى، وبعض العلماء يقول: العزم على فعل الشيء، وبعضهم يقول: قصد فعلِ الشيء قربة لله -جل وعلا- والتعبير بالقصد أنسب من التّعبير بالعزم؛ لأنّ من العلماء من فرق بين العزم، والقصد بأنّ القصد يكون عند توجه النية، والعزم يكون متراخياً عن ذلك التوجه، ولذلك قالوا التعبير بالقصد أدقّ.
والمراد بنية الغسل هنا: أن تجمع أمرين: قصد التقرب إلى الله، وقصد رفع الحدث الأكبر كما قدمنا في نية الوضوء.
[أن ينوي]: يعني أن ينوي بغسله رفع الحدث، وقد تقدم معنا في الوضوء بيان الدليل على إشتراطها في الطهارة، وأن مذهب الجمهور: أنها شرط لصحة الطهارة من الحدث بنوعيه الأصغر والأكبر، والمراد بالنية في الغسل أن يقصد رفع حدثه الأكبر من الجنابة، أو الحيض، أو النفاس، أو غيره فإذا حصل ذلك أجزأه الغسل، وتَمّتْ طهارته، وأما إذا لم يقصد رفع الحدث مثل: أن يقصد النظافة، أو التبرد، والإستجمام؛ فإنه لا يرتفع حدثه، وينبغي أن تكون هذه النِّية مقاربة للغسل، فإذا طال الفاصل بينها، وبين شروعه في الغسل فإنها لا تُجْزِيه.
قوله رحمه الله: [أَنْ يَنْويَ الغُسْلَ]: هذا هو الأصل أن الإنسان إذا أراد أن يغتسل يبتدئ بنية القلب، ثم بعد ذلك يكون منه الفعل المأمور به شرعاً.