لأنه تأخر عليه الصلاة والسلام عن الصلاة، وكرّر الغسل أكثر من مرّةٍ والنّاس تَنْتظِرُه، ولا معنى لذلك إلا وجوبه، ثمّ إنه لم يحصل منه إنزال صلوات الله وسلامه عليه، فدلّ على رجحان القول بالوجوب، دون تفريقٍ بين حصول الإنزال، وعدمه.
قوله رحمه الله: [والغُسْلُ الكاملُ] شرع المصنف رحمه الله بهذه الجملة في بيان صفة الغسل بعد بيانه لموجباته، وأسبابه وقد راعى في ذلك الترتيب المنطقي، لأن الأسباب، والموجبات مقدَّمةٌ على الصِّفة، ومن هنا يرد السؤال أولاً: ما هي موجبات الغسل، ومستحباته؟ ثم بعد ذلك يرد السؤال: كيف يكون الغسل وما هي صفته؟
فقال رحمه الله: [والغُسلُ الكامِلُ]: والغسل له صفتان عند العلماء كالوضوء:
الصفة الأولى: الإجزاء.
الصفة الثانية: الكمال.
والفرق بين الإجزاء والكمال: أن الإجزاء: يتحقق به المأمور شرعاً بمعنى أنك إذا أوقعت الغسل عليه فقد أديت ما أوجب الله عليك، والإخلال به موجب للحكم بعدم صحة الغسل.
وأما صفة الكمال: فإن الإخلال بها فيه تفصيل فإن حصل قدر الإجزاء حُكِمَ بصحّة الغسلِ، وإجزائِه، ويحكم بكونه فاته الأفضل، والأجرُ الكامل، وإن كان الإخلال بما هو من صفة الإجزاء فحكمه حكم الإخلال بصفة الإجزاء.