أي أن القرآن يحرم على الجنب تلاوتُه بخلاف الحديث القدسيّ، وكذلك في كل حرف من القرآن عشر حسنات بخلاف الحديث القدسيّ.
قوله رحمه الله: [ويَعْبُر المسجدَ لحاجةٍ، ولا يَلْبَثُ فِيه بغيرِ وُضُوءٍ] أي: أن من موانع الحدث الأكبر اللبث في المسجد إلا إذا توضأ، أو كان ماراً به عابراً غير جالس فيه، ولا واقف بداخله، وقد اُستدل على هذا الحكم بدليل الكتاب في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} على أن التقدير: لا تقربوا مواضع الصلاة (وهي المساجد) جنباً إلا عابري سبيل، وهذا هو أحد الأوجه في الآية الكريمة، وهذا القول يشكل عليه النهي الوارد عن إتخاذ المساجد طرقات، إلا إذا كانت الآية محمولة على أول الأمر، ثم نُسخ ذلك بعد أمره عليه الصلاة والسلام بسدِّ خَوْخَاتِ المساجدِ، فتكون الإباحة على ظاهر الآية في أول الأمر، مع أن دلالة الآية على ما ذكر فيها خلاف، ومن هنا قَوِيَ منعُ الجنب من دخول المسجد، والمرور من خلاله، وقد دلّتِ السنةُ في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح حينما قال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [نَاولِيني الخُمْرَةَ] قالت: إني حائض، فاعتذرت عن إدخال يدها لكونها حائضاً، فدلّ على أن المحدث حدثاً أكبر ممنوع من دخول المسجد؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينكر عليها إعتقادها لذلك، وإنما بين لها أن دخول اليد؛ ليس كدخول الجسم كله.
قوله رحمه الله: [ومَنْ غسّل مَيّتاً، أَوْ أَفاقَ مِنْ جُنونٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ بِلا حُلُمٍ سُنَّ له الغُسْلُ]: شرع المصنف رحمه الله بهذه الجملة في بيان الإغتسالات