وقوله رحمه الله: [والظَّاهِر الكَثيف مَعَ مَا اسْتَرْسَل مِنْه] أي: ويجب عليه غسل ظاهر الشعر الكثيف وما استرسل منه، فأصبحت اللّحية على حالتين: الأولى: أن تكون خفيفة ترى البشرة من تحتها فالحكم أنه يجب غسل الإثنين؛ لأن المواجهة حصلت بهما، والله أمر بغسل الوجه فصدق على الإثنين؛ فلزم غسلهما معاً، لتحصيل المأمور به شرعاً.
والثانية: أن تكون كثيفة بمعنى أنها تحجب البشرة، فلا تُّرى مِنْ تحتها، فحينئذ يجب غسل الظاهر من اللحية فقط، لأنه هو الذي تحصل به المواجهة، وأما باطنها، وظاهر البشرة فلا مكان لهما في المواجهة لستر الشعر الكثيف لهما، فنزّل منزلَتهما، وأغنى غسل ظاهر اللحية الكثيفة عن غسل باطنها، وهذا هو فقه المسألة، وما استرسل من اللحية تابع لها؛ لأن المواجهة حصلت بالكلّ أعنى ظاهر اللحية، وما استرسل فوجب عليه غسلهما.
قوله رحمه الله: [ثمّ يديه إِلى المِرْفَقين]: ثم يغسل يديه مع المرفقين، وقد تقدم بيان حدِّ اليدين، ومعنى المرفقين، ودخولهما في غسل اليدين، وهنا ننبه على خطأ شائع عند كثير من الناس من العامة، فإنهم إذا توضؤوا يغسل الواحد منهم الكفين، ثم يتمضمض، ويستنشق، ويغسل وجهه، فإذا غسل يديه بدأ من آخر الكف فيغسل ساعده، ويغفل عن الكفّين، من فعل ذلك لا يصح وضوءه، وتلزمه إعادة الوضوء، والصلاة لأن غسلهما أول الوضوء لا يجزئ عن غسلهما المفروض من وجهين:
الأول: أن المسنون لا يجزئ عن الفرض، فغسلهما في غير حال الإستيقاظ الأصل إستحبابه، فلا يجزئ عن الفرض.