اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 532
روايتين. فإن انهدمت حيطان السفل وطالبه صاحب العلو بإعادتها، ففيه روايتان. وإن أراد صاحب العلو بناءه لم يمنع، فإن بناه بآلته فهو على ما كان، وإن بناه بآلة من عنده، فعن أحمد: لا ينتفع به صاحب السفل، يعني: حتى يؤدي القيمة، فيحتمل أنه لا يسكن، وهو قول أبي حنيفة، ويحتمل أنه أراد الانتفاع بالحيطان خاصة من طرح الخشب وسمر الوتد، وهو مذهب الشافعي. فإن طالب صاحب السفل بالبناء، وأبى صاحب العلو، ففيه روايتان: إحداهما: لا يجبر، وهو قول الشافعي، لأنه ملك صاحب السفل. والثانية: "يجبر على مساعدته والبناء معه"، وهو قول أبي الدرداء، لأنهما يشتركان في الانتفاع به. وإن كان بينهما نهر أو بئر أو دولاب، فاحتاج إلى عمارة، ففي إجبار الممتنع روايتان، بناء على الحائط المشترك، والحكم في الرجوع بالنفقة، حكم الرجوع في النفقة على الحائط على ما مضى.
وليس للرجل التصرف في ملكه بما يتضرر به جاره، وعنه رواية أخرى: لا يمنع، وبه قال الشافعي. ولنا: قوله عليه السلام: "لا ضرر ولا ضرار". [1] وأما دخان الخبز والطبخ، فإن ضرره يسير، ولا يمكن التحرز عنه، فتدخله المسامحة. فإن كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر، فليس لصاحب العلو الصعود على وجه يشرف على جاره، إلا أن يبني سترة تستره. وقال الشافعي: لا يلزمه سترة. ولنا: أنه إضرار بجاره فمنع منه، ودل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " لو أن رجلاً اطّلع إليك فحذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح" [2].
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":
لو صالح عن المؤجل ببعضه حالاً لم يصح، وفي الإرشاد رواية: يصح، [1] ابن ماجة: الأحكام (2340) . [2] البخاري: الديات (6902) , ومسلم: الآداب (2158) , والنسائي: القسامة (4861) , وأبو داود: الأدب (5172) , وأحمد (2/243, 2/428) .
اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 532