اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 497
السلَم إذا أسلم في ثمرة بستان احتمل فيه أنواع من الغرر للحاجة، فلا يحتمل فيه غرر آخر لئلا يكثر. وقال ابن المنذر: إبطال السلَم إذا أسلم في ثمرة بستان بعينه كالإجماع من أهل العلم. ولا يشترط وجود السلَم فيه حال العقد، بل يجوز أن يسلم في الرطب في أوان الشتاء. وقال الثوري وأصحاب الرأي: يشترط أن يكون جنسه موجوداً لأن كل زمان يجوز أن يكون محلاً لموت المسلَم إليه. ولنا: "أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين ... إلخ"، [1] ولم يذكر الوجود، ولو كان شرطاً لذَكره ولنهاهم عن السلف سنين، لأنه يلزم منه انقطاع المسلَم فيه أوسط السنة. ولا نسلّم أن الديْن يحل بالموت، وإن سلّمنا فلا يشترط ذلك، إذ لو لزم أفضى إلى أن تكون آجال السلَم مجهولة. وإذا تعذر تسليم المسلَم فيه عند محله، إما لغيبة المسلَم إليه، أو عجز عن التسليم حتى عدم المسلَم فيه، أو لم تحمل الثمار تلك السنة، فالمسلم بالخيار بين الصبر وبين الفسخ، ويرجع بالثمن إن كان موجوداً أو بمثله إن كان مثلياً، وإلا فقيمته. وفيه وجه آخر: أنه ينفسخ بنفس التعذر. وإذا أسلم ذمي إلى ذمي في خمر، ثم أسلم أحدهما، فقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم: أن المسلم يأخذ دراهمه.
(السادس) : أن يقبض رأس مال السلَم في مجلس العقد، فإن تفرقا قبل ذلك بطل؛ وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وقال مالك: يجوز أن يتأخر قبضه يومين أو ثلاثة وأكثر ما لم يكن شرطاً. وإن قبض بعضه، فهل يصح في المقبوض؟ على وجهين، بناء على تفريق الصفقة. وإن قبض الثمن فوجده رديئاً فرده، والثمن معيّن، بطل بردّه. فإن كان أحد النقدين، وقلنا يتعين بالتعيين، بطل. وإن كان في الذمة، فله إبداله في المجلس. وإن تفرقا ثم علم عيبه فردّه، [1] البخاري: السلم (2239, 2241, 2253) , ومسلم: المساقاة (1604) , والترمذي: البيوع (1311) , والنسائي: البيوع (4616) , وأبو داود: البيوع (3463) , وابن ماجة: التجارات (2280) , وأحمد (1/217, 1/222, 1/282, 1/358) , والدارمي: البيوع (2583) .
اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 497