اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 332
هدي فليحلّ"، [1] والأول أصح، فإنه صلى الله عليه وسلم أمر به، ولقوله: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} ، [2] فلو لم يكن من المناسك لما وصفهم به كاللبس، ولأنه ترحّم على المحلقين ثلاثاً والمقصرين مرة، ولو لم يكن منسكاً لما دخله التفضيل كالمباحات، ولو لم يكن منسكاً لما داوموا عليه، بل لم يفعلوه إلا نادراً، لأنه لم يكن من عادتهم. وأما أمره بالحل فمعناه، والله أعلم، الحل بفعله، لأنه مشهور عندهم، ولا يمتنع الحل من العبادة بما كان محرما فيه، كالسلام في الصلاة. وإذا قلنا: إنه نسك جاز تأخيره إلى آخر أيام النحر، لأنه إذا جاز تأخير النحر فهو أولى. فإن أخره عن ذلك فلا دم عليه، وعنه: عليه دم.
ولا فرق بين العامد والساهي، وقال مالك وغيره: من تركه حتى يحل فعليه دم، لأنه نسك، فوجب أن يؤتي به قبل الحل. ولنا: ما تقدم. وهل يحل قبله؟ فيه روايتان:
إحداهما: إنما يحصل بالحلق والرمي معاً، وهو قول الشافعي، لقوله: "إذا رميتم وحلقتم، فقد حل لكم كل شيء، إلا النساء" [3].
والثانية: يحصل له التحلل بالرمي وحده، وهو قول مالك، لقوله: "إذا رميتم الجمرة، فقد حل لكم كل شيء، إلا النساء"، [4] وكذلك قال ابن عباس. وإن قدم الحلق على الرمي أو على النحر، جاهلاً أو ناسياً، فلا شيء عليه. والسنة: "أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف، لفعله صلى الله عليه وسلم". وقال أبو حنيفة: إن قدم الحلق على الرمي أو على النحر، فعليه دم. وإن فعله متعمداً، فقال عطاء وإسحاق: لا دم عليه، لإطلاق حديث ابن عباس وابن عمر من [1] أحمد (3/366) . [2] سورة الفتح آية: 27. [3] أبو داود: المناسك (1978) , وأحمد (6/143) . [4] النسائي: مناسك الحج (3084) , وابن ماجة: المناسك (3041) , وأحمد (1/234, 1/344) .
اسم الکتاب : مختصر الإنصاف والشرح الكبير المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 332