responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 645
كَانَ جُلُّ جُلُوسِهِ مَعَ أَصْحَابِهِ التَّرَبُّعُ» وَكَذَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -

(وَالتَّثَاؤُبُ) وَلَوْ خَارِجَهَا ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالْأَنْبِيَاءُ مَحْفُوظُونَ مِنْهُ

(وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) لِلنَّهْيِ إلَّا لِكَمَالِ الْخُشُوعِ

(وَقِيَامُ الْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ لَا سُجُودُهُ فِيهِ) وَقَدَّمَاهُ خَارِجَةً لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْقَدَمِ (مُطْلَقًا) وَإِنْ لَمْ يَتَشَبَّهْ حَالُ الْإِمَامِ إنْ عُلِّلَ بِالتَّشَبُّهِ وَإِنْ بِالِاشْتِبَاهِ وَلَا اشْتِبَاهَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْله وَالتَّثَاؤُبُ) فِي الْمِصْبَاحِ: التَّثَاؤُبُ بِالْمَدِّ وَبِالْوَاوِ عَامِّيٌّ. وَفِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: تَثَاءَبْت بِالْمَدِّ وَلَا تَقُلْ تَثَاوَبْت، وَهُوَ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ: التَّنَفُّسُ الَّذِي يَنْفَتِحُ مِنْهُ الْفَمُ لِدَفْعِ الْبُخَارَاتِ الْمُنَفَّخَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ، وَهُوَ يَنْشَأُ مِنْ امْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَثِقَلِ الْبَدَنِ. اهـ.
قُلْت: وَلِهَذَا السَّبَبِ كَانَ مِنْ الشَّيْطَانِ كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ» وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ «فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُهُ» وَأُلْحِقَ بِالْيَدِ الْكُمُّ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ كَظْمُهُ: أَيْ رَدُّهُ وَحَبْسُهُ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ أَنْ يَأْخُذَ شَفَتَهُ بِسِنِّهِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَغَطَّى فَاهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ يُكْرَهُ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَة. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَوَجْهُهُ أَنَّ تَغْطِيَةَ الْفَمِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ إذَا أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ، ثُمَّ فِي الْمُجْتَبَى: يُغَطِّي فَاهُ بِيَمِينِهِ، وَقِيلَ بِيَمِينِهِ فِي الْقِيَامِ وَفِي غَيْرِهِ بِيَسَارِهِ اهـ.
قُلْت: وَوَجْهُ الْقِيلِ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الشَّيْطَانِ كَمَا مَرَّ، فَهُوَ كَإِزَالَةِ الْخَبَثِ وَهِيَ بِالْيَسَارِ أَوْلَى، لَكِنْ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ مِنْ دَفْعِهِ بِالْيَسَارِ كَثْرَةُ الْعَمَلِ بِتَحْرِيكِ الْيَدَيْنِ كَانَتْ الْيُمْنَى أَوْلَى وَقَدَّمْنَا فِي آدَابِ الصَّلَاةِ عَنْ الضِّيَاءِ أَنَّهُ بِظَهْرِ الْيُسْرَى. وَفِي الْحِلْيَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ إنْ سَدَّ بِالْيُمْنَى يُخَيَّر فِيهِ بِظَاهِرِهَا أَوْ بَاطِنِهَا، وَإِنْ بِالْيُسْرَى فَبِظَاهِرِهَا. اهـ. وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِلْكَرَاهَةِ هُنَا هَلْ هِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ أَوْ تَنْزِيهِيَّةٌ إلَّا أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي آدَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُنْدَبُ كَظْمُ فَمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ، وَحِينَئِذٍ فَتَرْكُ الْكَظْمِ مَنْدُوبٌ.
وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ نَفْسُهُ فَإِنْ نَشَأَ مِنْ طَبِيعَتِهِ بِلَا صُنْعِهِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ تَعَمَّدْهُ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ تَحْرِيمًا لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعَبَثَ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا فِي الصَّلَاةِ تَنْزِيهًا خَارِجَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ خَارِجَهَا) أَيْ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ الْمَارِّ، وَتَقْيِيدُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالصَّلَاةِ لِكَوْنِ الْكَرَاهَةِ فِيهَا أَشَدَّ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْأَنْبِيَاءُ مَحْفُوظُونَ مِنْهُ) قَدَّمْنَا فِي آدَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ إخْطَارَ ذَلِكَ بِبَالِهِ مُجَرَّبٌ فِي دَفْعِ التَّثَاؤُبِ

(قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ) أَيْ فِي حَدِيثِ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُغْمِضْ عَيْنَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ إلَّا أَنَّ فِي سَنَدِهِ مَنْ ضُعِّفَ وَعَلَّلَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَرْمِيَ بِبَصَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَفِي التَّغْمِيضِ تَرْكُهَا. ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ، كَذَا فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ، وَكَأَنَّهُ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَهِيَ الصَّارِفُ لَهُ عَنْ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ إلَّا لِكَمَالِ الْخُشُوعِ) بِأَنْ خَافَ فَوْتَ الْخُشُوعِ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ مَا يُفَرِّقُ الْخَاطِرَ فَلَا يُكْرَهُ، بَلْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّهُ الْأَوْلَى، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ حِلْيَةٌ وَبَحْرٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْقَدَمِ) وَلِهَذَا تُشْتَرَطُ طَهَارَةُ مَكَانِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، بِخِلَافِ مَكَانِ السُّجُودِ، إذْ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يَحْنَثُ بِوَضْعِ الْقَدَمَيْنِ وَإِنْ كَانَ بَاقِي بَدَنِهِ خَارِجَهَا وَالصَّيْدُ إذَا كَانَ رِجْلَاهُ فِي الْحَرَمِ وَرَأْسُهُ خَارِجَهُ فَهُوَ صَيْدُ الْحَرَمِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَقِيَامُ الْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ، وَفُسِّرَ الْإِطْلَاقُ بِمَا بَعْدَهُ وَكَذَا سَوَاءٌ كَانَ الْمِحْرَابُ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إنْ عُلِّلَ بِالتَّشَبُّهِ إلَخْ) قَيْدٌ لِلْكَرَاهَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ صَرَّحَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِالْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُفَصِّلْ؛ فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي سَبَبِهَا، فَقِيلَ كَوْنُهُ يَصِيرُ مُمْتَازًا عَنْهُمْ فِي الْمَكَانِ لِأَنَّ الْمِحْرَابَ فِي مَعْنَى بَيْتٍ آخَرَ وَذَلِكَ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 645
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست