responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 63
وَقَدْ قَالَ ابْنُ إدْرِيسِ مَقَالًا ... صَحِيحَ النَّقْلِ فِي حِكَمٍ لَطِيفَهْ
بِأَنَّ النَّاسَ فِي فِقْهٍ عِيَالٌ ... عَلَى فِقْهِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَهْ
فَلَعْنَةُ رَبِّنَا أَعْدَادَ رَمْلٍ ... عَلَى مَنْ رَدَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَهْ
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ثَابِتًا وَالِدَ الْإِمَامِ أَدْرَكَ الْإِمَامَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَدَعَا لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ بِالْبَرَكَةِ

وَصَحَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ سَبْعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا بُسِطَ فِي أَوَاخِرِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي،
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمْعُ عَائِبٍ أُعِلَّتْ عَيْنُهُ بِالْهَمْزَةِ كَقَائِلٍ وَبَائِعٍ فَافْهَمْ، وَسَفَاهًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي: قَالَ فِي الْقَامُوسِ: سَفِهَ كَفَرِحَ وَكَرُمَ عَلَيْنَا: جَهِلَ كَتَسَافَهَ فَهُوَ سَفِيهٌ جَمْعُهُ سُفَهَاءُ وَسِفَاهٌ وَخِلَافُ الْحَقِّ صِفَةٌ: أَيْ مُخَالِفِينَ، أَوْ ذَوِي خِلَافٍ: وَالْحُجَجُ: جَمْعُ حُجَّةٍ بِالضَّمِّ، وَهِيَ الْبُرْهَانُ، سَمَّاهَا بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى زَعْمِ الْعَائِبِينَ وَإِلَّا فَهِيَ شُبَهٌ وَأَوْهَامٌ فَاسِدَةٌ.
(قَوْلُهُ: ابْنُ إدْرِيسِ) بِالتَّنْوِينِ لِلضَّرُورَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِمَامُ الرَّئِيسُ، ذُو الْعِلْمِ النَّفِيسِ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ، الشَّافِعِيُّ الْقُرَشِيُّ، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَنَفَعَنَا بِهِ فِي الدَّارَيْنِ آمِينَ، وَمَقَالًا مَصْدَرٌ قَالَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَصَحِيحُ النَّقْلِ نَعْتٌ لَهُ، وَهُوَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مُضَافَةٌ إلَى فَاعِلِهَا: أَيْ صَحَّ نَقْلُهُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي الْفِقْهِ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، إنَّهُ مِمَّنْ لَهُ الْفِقْهُ، هَذِهِ رِوَايَةُ حَرْمَلَةَ عَنْهُ، وَرِوَايَةُ الرَّبِيعِ عَنْهُ: النَّاسُ عِيَالٌ فِي الْفِقْهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، مَا رَأَيْت أَيْ مَا عَلِمْت أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْهُ. وَجَاءَ عَنْهُ أَيْضًا: مَنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي كُتُبِهِ لَمْ يَتَبَحَّرْ فِي الْعِلْمِ وَلَا يَتَفَقَّهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي حِكَمٍ) أَيْ فِي ضِمْنِ حِكَمٍ لَطِيفَةٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا مِنْهَا تَرْغِيبُ النَّاسِ فِي مَذْهَبِهِ، وَالرَّدُّ عَلَى الْعَائِبِينَ لَهُ، وَبَيَانُ اعْتِقَادِهِ فِي هَذَا الْإِمَامِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْفَضْلِ لِلْمُتَقَدِّمِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ النَّاسَ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَوْ لِلتَّعْدِيَةِ لِتَضَمُّنِ قَالَ مَعْنَى صَرَّحَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ، وَفِي فِقْهٍ مُتَعَلِّقٌ بِعِيَالٍ، مِنْ عَالَهُ: إذَا تَكَفَّلَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ رَدَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ عَلَى مَنْ رَدَّ مَا قَالَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُحْتَقِرًا لَهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِلطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ، لَا بِمُجَرَّدِ الطَّعْنِ فِي الِاسْتِدْلَالِ؛ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمْ تَزَلْ يَرُدُّ بَعْضُهُمْ قَوْلَ بَعْضٍ، وَلَا بِمُجَرَّدِ الطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ نَفْسِهِ، لِأَنَّ غَايَتَهُ الْحُرْمَةُ فَلَا يُوجِبُ اللَّعْنَ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ لَعْنُ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَهُوَ كَلَعْنِ الْكَاذِبِينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْعُصَاةِ فَافْهَمْ. وَفِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ عُيُوبِ الشِّعْرِ الْإِيطَاءُ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي تَنْوِيرِ الصَّحِيفَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ ثَبَتَ إلَخْ) فَفِي تَارِيخِ ابْنِ خِلِّكَانَ عَنْ الْخَطِيبِ أَنَّ حَفِيدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ مِنْ الْأَحْرَارِ، وَاَللَّهِ مَا وَقَعَ عَلَيْنَا رِقٌّ قَطُّ: وُلِدَ جَدِّي أَبُو حَنِيفَةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَذَهَبَ ثَابِتٌ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ صَغِيرٌ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِيهِ وَفِي ذُرِّيَّتِهِ، وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ اسْتَجَابَ لِعَلِيٍّ فِينَا؟ وَالنُّعْمَانُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ أَبُو ثَابِتٍ هُوَ الَّذِي أَهْدَى لِعَلِيٍّ الْفَالُوذَجَ فِي يَوْمِ مِهْرَجَانٍ فَقَالَ عَلِيٌّ مَهْرِجُونَا كُلَّ يَوْمٍ هَكَذَا. اهـ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ مِنْ قَوْلِهِ: وَذَهَبَ ثَابِتٌ بِجَدِّي إلَى عَلِيٍّ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ كَمَا فِي أَلْفِيَّةِ الْعِرَاقِيِّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ بِجَدِّي مِنْ زِيَادَةِ النُّسَّاخِ أَوْ الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَأَصْلُهُ جَدِّي.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمُحَدِّثِينَ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي مَنَاقِبِ الْإِمَامِ كِتَابًا حَافِلًا مَا حَاصِلُهُ: إنَّ أَصْحَابَهُ الْأَكَابِرَ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَنْقُلُوا عَنْهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لَنَقَلُوهُ، فَإِنَّهُ مِمَّا يَتَنَافَسُ فِيهِ الْمُحَدِّثُونَ وَيَعْظُمُ افْتِخَارُهُمْ، وَبَانَ كُلُّ سَنَدٍ فِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ صَحَابِيٍّ لَا يَخْلُو مِنْ كَذَّابٍ، فَأَمَّا رُؤْيَتُهُ لِأَنَسٍ وَإِدْرَاكُهُ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِالسِّنِّ فَصَحِيحَانِ لَا شَكَّ فِيهِمَا، وَمَا وَقَعَ لِلْعَيْنِيِّ أَنَّهُ أَثْبَتَ سَمَاعَهُ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَدَّهُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ الشَّيْخُ الْحَافِظُ قَاسِمٌ الْحَنَفِيُّ.

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست