responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 521
أَعْظَمُ مِنْهَا وَأَفْضَلُ؛ لِحَدِيثِ الْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فَتُقُبِّلَتْ مِنْهُ مَحَا اللَّهُ عَنْهُ ذُنُوبَ ثَمَانِينَ سَنَةً» فَقَيَّدَ الْمَأْمُولَ بِالْقَبُولِ (وَدَعَا) بِالْعَرَبِيَّةِ، وَحَرُمَ بِغَيْرِهَا نَهْرٌ لِنَفْسِهِ وَأَبَوَيْهِ وَأُسْتَاذِهِ الْمُؤْمِنِينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَالَى مَقْبُولًا قَطْعًا أَيْ مَجَّانًا لِإِخْبَارِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ، بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُثَابُ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُثَابُ، بَلْ مَعْنَاهُ وَأَنَّ الطَّلَبَ وَالدُّعَاءَ مَقْبُولٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ.
وَأَمَّا الثَّوَابُ فَهُوَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْعَوَارِضِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي كَلَامِ السَّلَفِ، وَأَنَّ لَهُ سَنَدًا قَوِيًّا وَهُوَ إخْبَارُهُ تَعَالَى الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْعَظِيمَ الَّذِي هُوَ مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّحْمَتِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ فَقَيَّدَ الْمَأْمُولَ) أَيْ قَيَّدَ الثَّوَابَ الَّذِي يُؤَمِّلُهُ الْعَبْدُ وَيَرْجُوهُ، وَهُوَ هُنَا مَحْوُ الذُّنُوبِ بِالْقَبُولِ: أَيْ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى صِدْقِ الْعَزِيمَةِ وَعَدَمِ الْمَوَانِعِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَ هَذَا الدُّعَاءِ مُجَابًا قَطْعًا. مَطْلَبٌ فِي الدُّعَاءِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ بِغَيْرِهَا) أَقُولُ: نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْإِمَامِ الْقَرَافِيِّ الْمَالِكِيِّ مُعَلِّلًا بِاحْتِمَالِهِ عَلَى مَا يُنَافِي التَّعْظِيمَ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ اللَّقَانِيَّ الْمَالِكِيَّ نَقَلَ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى مَنْظُومَتِهِ الْمُسَمَّاةِ جَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ كَلَامَ الْقَرَافِيِّ، وَقَيَّدَ الْأَعْجَمِيَّةَ بِالْمَجْهُولَةِ الْمَدْلُولِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ بِجَوَازِ اشْتِمَالِهَا عَلَى مَا يُنَافِي جَلَالَ الرُّبُوبِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَاحْتَرَزْنَا بِذَلِكَ عَمَّا إذَا عُلِمَ مَدْلُولُهَا، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] . اهـ. لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عِنْدَنَا الْكَرَاهَةُ؛ فَقَدْ قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ: وَكُرِهَ الدُّعَاءُ بِالْعَجَمِيَّةِ، لِأَنَّ عُمَرَ نَهَى عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ. اهـ. وَالرَّطَانَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ: الْكَلَامُ بِالْأَعْجَمِيَّةِ.
وَرَأَيْت فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي بَحْثِ التَّكْبِيرِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَنَّ التَّكْبِيرَ عِبَادَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يُحِبُّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ، وَلِهَذَا كَانَ الدُّعَاءُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ، فَلَا يَقَعُ غَيْرُهَا مِنْ الْأَلْسُنِ فِي الرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ لَهَا مَوْقِعَ كَلَامِ الْعَرَبِ. اهـ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الدُّعَاءَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ تَنْزِيهِيَّةٌ. هَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَنَّ الْإِمَامَ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا بِعَدَمِ جَوَازِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ. وَأَمَّا صِحَّةُ الشُّرُوعِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَكَذَا جَمِيعُ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ فَهِيَ عَلَى الْخِلَافِ؛ فَعِنْدَهُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهَا مُطْلَقًا خِلَافًا لَهُمَا كَمَا حَقَّقَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصِّحَّةَ عِنْدَهُ لَا تَنْفِي الْكَرَاهَةَ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِهَا فِي الشُّرُوعِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ فِيهَا بِالْكَرَاهَةِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا فِي الصَّلَاةِ وَتَنْزِيهًا خَارِجَهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ وَأَبَوَيْهِ وَأُسْتَاذِهِ الْمُؤْمِنِينَ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانُوا كُفَّارًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ كَمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَعَا لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمُنْيَةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ التَّعْمِيمُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] وَلِلْحَدِيثِ «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَدْعُ فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فَهِيَ خِدَاجٌ» ، كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَلِخَبَرِ الْمُسْتَغْفِرِيِّ «مَا مِنْ دُعَاءٍ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ مِنْ قَوْلِ الْعَبْدِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَغْفِرَةً عَامَّةً»
وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَقَالَ: وَيْحَك لَوْ عَمَّمْت لَاسْتُجِيبَ لَك» وَفِي أُخْرَى «أَنَّهُ ضَرَبَ مَنْكِبَ مَنْ قَالَ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، ثُمَّ قَالَ لَهُ: عَمِّمْ فِي دُعَائِك، فَإِنَّ بَيْنَ الدُّعَاءِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: مِنْ سُنَنِ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ الدُّعَاءُ بِمَا شَاءَ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 521
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست