responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 499
وَفِيهِ يُفْتَرَضُ وَضْعُ أَصَابِعِ الْقَدَمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخَبَرِ الْوَاحِدِ، يَعْنِي حَدِيثَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» وَقَالَ: الْحَقُّ أَنَّ مُقْتَضَاهُ وَمُقْتَضَى الْمُوَاظَبَةِ الْوُجُوبُ فَلَوْ حُمِلَ قَوْلُهُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُمَا عَلَى وُجُوبِ الْجَمْعِ لَارْتَفَعَ الْخِلَافُ، وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَزَادَ أَنَّ الدَّلِيلَ يَقْتَضِي وُجُوبَ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْكَنْزِ وَالْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلتَّحْرِيمِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ، فَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ وَالِاخْتِيَارِ مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ تَرْكِ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ ضَعِيفٌ. اهـ. وَهَذَا الَّذِي حُطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ صَاحِبِ الْحِلْيَةِ فَقَالَ بَعْدَمَا أَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ: فَالْأَشْبَهُ وُجُوبُ وَضْعِهِمَا مَعًا، وَكَرَاهَةُ تَرْكِ وَضْعِ كُلٍّ تَحْرِيمًا، وَإِذَا كَانَ الدَّلِيلُ نَاهِضًا بِهِ فَلَا بَأْسَ بِالْقَوْلِ بِهِ. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. وَأَمَّا وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ فَرْضٌ فِي السُّجُودِ. اهـ. فَإِذَا سَجَدَ وَرَفَعَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالْجَصَّاصُ، وَلَوْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا جَازَ.
قَالَ قَاضِي خَانْ: وَيُكْرَهُ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ الْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: قُلْت ظَاهِرُ مَا فِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَالْمُحِيطِ وَالْقُدُورِيِّ أَنَّهُ إذَا رَفَعَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ. وَقَدْ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِيهِ رِوَايَتَانِ. اهـ. وَمَشَى عَلَى رِوَايَةِ الْجَوَازِ بِرَفْعِ إحْدَاهُمَا فِي الْفَيْضِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا، فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: الْأُولَى فَرْضِيَّةُ وَضْعِهِمَا. الثَّانِيَةُ فَرْضِيَّةُ إحْدَاهُمَا. الثَّالِثَةُ عَدَمُ الْفَرْضِيَّةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَى أَنَّ وَضْعَهُمَا سُنَّةٌ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةً اهـ. وَقَدْ اخْتَارَ فِي الْعِنَايَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الثَّالِثَةَ وَقَالَ إنَّهَا الْحَقُّ، وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرَرِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهُ عَلَى وَضْعِ الْقَدَمَيْنِ فَيَكُونُ افْتِرَاضُ وَضْعِهِمَا زِيَادَةً عَلَى الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَقَالَ إنَّ قَوْلَهُ هُوَ الْحَقُّ بَعِيدٌ عَنْ الْحَقِّ وَبِضِدِّهِ أَحَقُّ، إذْ لَا رِوَايَةَ تُسَاعِدُهُ وَالدِّرَايَةُ تَنْفِيهِ لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ فَهُوَ فَرْضٌ.
وَحَيْثُ تَظَافَرَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَئِمَّتِنَا بِأَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ سُنَّةٌ، وَلَمْ تَرِدْ رِوَايَةٌ بِأَنَّهُ فَرْضٌ تَعَيَّنَ وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا لِلْفَرْضِيَّةِ، ضَرُورَةُ التَّوَصُّلِ إلَى وَضْعِ الْجَبْهَةِ، وَهَذَا لَوْ لَمْ تَرِدْ بِهِ عَنْهُمْ رِوَايَةٌ كَيْفَ وَالرِّوَايَاتُ فِيهِ مُتَوَافِرَةٌ. اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ حَيْثُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ سُنَّةٌ بِأَنَّ مَاهِيَّةَ السَّجْدَةِ حَاصِلَةٌ بِوَضْعِ الْوَجْهِ وَالْقَدَمَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ إلَخْ وَكَذَا مَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الزَّاهِدِيِّ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ مَا ذُكِرَ فِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ، وَبِهِ جَزَمَ فِي السِّرَاجِ فَقَالَ: لَوْ رَفَعَهُمَا فِي حَالِ سُجُودِهِ لَا يُجْزِيهِ، وَلَوْ رَفَعَ إحْدَاهُمَا جَازَ. وَقَالَ فِي الْفَيْضِ: وَبِهِ يُفْتَى.
هَذَا، وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَالْأَوْجَهُ عَلَى مِنْوَالِ مَا سَبَقَ هُوَ الْوُجُوبُ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْحَدِيثِ اهـ أَيْ عَلَى مِنْوَالِ مَا حَقَّقَهُ شَيْخُهُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى وُجُوبِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ أَعْدَلُ الْأَقْوَال فَكَذَا هُنَا، فَيَكُونُ وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ كَذَلِكَ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا فِي الْبَحْرِ والشُّرُنبُلالِيَّة.
قُلْت: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ عَلَيْهِ بِحَمْلِ مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ بِرَفْعِهِمَا عَلَى عَدَمِ الْحِلِّ لَا عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَكَذَا نَفْيُ التُّمُرْتَاشِيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فَرْضِيَّةَ وَضْعِهِمَا لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ، وَتَصْرِيحُ الْقُدُورِيِّ بِالْفَرْضِيَّةِ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ فَإِنَّ الْفَرْضَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ تَأَمَّلْ، وَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ، لِأَنَّ وَضْعَ الْجَبْهَةِ لَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهُ عَلَى وَضْعِ الْقَدَمَيْنِ، بَلْ تَوَقُّفُهُ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ أَبْلَغُ، فَدَعْوَى فَرْضِيَّةِ وَضْعِ الْقَدَمَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَالرِّوَايَاتُ الْمُتَظَافِرَةُ إنَّمَا هِيَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْفَرْضِيَّةِ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ صَادِقٌ بِالْوُجُوبِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَلَمْ يُنْقَلْ التَّعْبِيرُ بِالْفَرْضِيَّةِ إلَّا عَنْ الْقُدُورِيِّ، وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 499
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست