responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 340
يَابِسٍ كَعَذِرَةٍ يَابِسَةٍ وَحَجَرٍ اُسْتُنْجِيَ بِهِ إلَّا بِحَرْفٍ آخَرَ (وَآجُرٍّ وَخَزَفٍ وَزُجَاجٍ وَ) شَيْءٍ مُحْتَرَمٍ (كَخِرْقَةِ دِيبَاجٍ وَيَمِينٍ) وَلَا عُذْرَ بِيُسْرَاهُ، فَلَوْ مَشْلُولَةً وَلَمْ يَجِدْ مَاءً جَارِيًا وَلَا صَابًّا تَرَكَ الْمَاءَ، وَلَوْ شُلَّتَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ انْهَ أُمَّتَك أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - جَعَلَ لَنَا فِيهَا رِزْقًا، قَالَ: فَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْحُمَمُ: الْفَحْمُ. اهـ. [تَنْبِيهٌ]
اُسْتُفِيدَ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَظْمَ مَيْتَةٍ لَا يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يَابِسٍ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَنْفَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ صَحَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُجَفِّفُ مَا عَلَى الْبَدَنِ مِنْ النَّجَاسَةِ الرَّطْبَةِ بَحْرٌ. أَيْ: بِخِلَافِ الرَّطْبِ فَإِنَّهُ لَا يُجَفِّفُ فَلَا يَصِحُّ بِهِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: اُسْتُنْجِيَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِحَرْفٍ آخَرَ) أَيْ: لَمْ تُصِبْهُ النَّجَاسَةُ. (قَوْلُهُ: وَآجُرٍّ) بِالْمَدِّ الطُّوبُ الْمَشْوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَخَزَفٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ بَعْدَهَا فَاءٌ. فِي الْقَامُوسِ: هُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ طِينٍ يُشْوَى بِالنَّارِ حَتَّى يَكُونَ فَخَّارًا حِلْيَةٌ، وَفَسَّرَهُ فِي الْإِمْدَادِ بِصِغَارِ الْحَصَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْخَذْفَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ: الرَّمْيُ بِحَصَاةٍ أَوْ نَوَاةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا بِالسِّبَابَتَيْنِ، فَيَكُونُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَشَيْءٍ مُحْتَرَمٍ) أَيْ: مَا لَهُ احْتِرَامٌ وَاعْتِبَارٌ شَرْعًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مُتَقَوِّمٍ إلَّا الْمَاءَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصْدُقُ بِمَا يُسَاوِي فَلْسًا لِكَرَاهَةِ إتْلَافِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ جَزْءُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ مَيِّتًا وَلِذَا لَا يَجُوزُ كَسْرُ عَظْمِهِ، وَصَرَّحَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ مِنْ الْمُحْتَرَمِ جَزْءُ حَيَوَانٍ مُتَّصِلٍ بِهِ وَلَوْ فَأْرَةً، بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ كُنَاسَةُ مَسْجِدٍ، وَلِذَا لَا تُلْقَى فِي مَحَلٍّ مُمْتَهَنٍ، وَدَخَلَ أَيْضًا مَاءُ زَمْزَمَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ فَصْلِ الْمِيَاهِ، وَيَدْخُلُ أَيْضًا الْوَرَقُ. قَالَ فِي السِّرَاجِ: قِيلَ: إنَّهُ وَرَقُ الْكِتَابَةِ، وَقِيلَ: وَرَقُ الشَّجَرِ وَأَيُّهُمَا كَانَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ.
وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَانْظُرْ مَا الْعِلَّةُ فِي وَرَقِ الشَّجَرِ، وَلَعَلَّهَا كَوْنُهُ عَلَفًا لِلدَّوَابِّ أَوْ نُعُومَتُهُ فَيَكُونُ مُلَوِّثًا غَيْرَ مُزِيلٍ، وَكَذَا وَرَقُ الْكِتَابَةِ لِصِقَالَتِهِ وَتَقَوُّمِهِ، وَلَهُ احْتِرَامٌ أَيْضًا لِكَوْنِهِ آلَةً لِكِتَابَةِ الْعِلْمِ، وَلِذَا عَلَّلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِأَنَّ تَعْظِيمَهُ مِنْ أَدَبِ الدِّينِ. وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَجُوزُ بِمَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ كَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمَا كَانَ آلَةً لِذَلِكَ. أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَفَلْسَفَةٍ وَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ عُلِمَ تَبَدُّلُهُمَا وَخُلُوُّهُمَا عَنْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ. اهـ. وَنَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْجَوَازَ بِكُتُبِ الْحُكْمِيَّاتِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَأَقَرَّهُ.
قُلْت: لَكِنْ نَقَلُوا عِنْدَنَا أَنَّ لِلْحُرُوفِ حُرْمَةً وَلَوْ مُقَطَّعَةً. وَذَكَرَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ أَنَّ حُرُوفَ الْهِجَاءِ قُرْآنٌ أُنْزِلَتْ عَلَى هُودٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمُفَادُهُ الْحُرْمَةُ بِالْمَكْتُوبِ مُطْلَقًا، وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْأَبْيَضِ كَوْنُهُ آلَةً لِلْكِتَابَةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَا يَصْلُحُ لَهَا إذَا كَانَ قَالِعًا لِلنَّجَاسَةِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَوَازِهِ بِالْخِرَقِ الْبَوَالِي، وَهَلْ إذَا كَانَ مُتَقَوِّمًا ثُمَّ قَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً لَا قِيمَةَ لَهَا بَعْدَ الْقَطْعِ يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا أَمْ لَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَنْجِ بِمُتَقَوِّمٍ، نَعَمْ قَطْعُهُ لِذَلِكَ الظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ لَوْ بِلَا عُذْرٍ، بِأَنْ وُجِدَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَطْعِ إتْلَافٌ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -. [تَنْبِيهٌ]
يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ بِمَا إذَا أَدَّى إلَى إتْلَافِهِ، أَمَّا لَوْ اسْتَنْجَى بِهِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ مَنِيٍّ مَثَلًا وَكَانَ يُغْسَلُ بَعْدَهُ فَلَا كَرَاهَةَ إلَّا إذَا كَانَ شَيْئًا ثَمِينًا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِغَسْلِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا بِخِرْقَةِ الْمَنِيِّ لَيْلَةَ الْعُرْسِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا صَابًّا) أَمَّا لَوْ وَجَدَ صَابًّا كَخَادِمٍ وَزَوْجَةٍ لَا يَتْرُكُهُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ الْكَلَامُ عَلَى الْقَادِرِ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست