responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 268
إلَى مَعْقِدِ الشِّرَاكِ؛

وَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ طَاهِرٍ (أَوْ جُرْمُوقَيْهِ) وَلَوْ فَوْقَ خُفٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَرْوِيُّ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِ الْخُفَّيْنِ إلَى أَصْلِ السَّاقِ مَرَّةً وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى. اهـ.
أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ، وَحَيْثُ كَانَتْ رِوَايَةُ الدُّخُولِ هِيَ الْمُفَادَ مِنْ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، وَكَذَا مِنْ أَكْثَرِ الْفَتَاوَى كَمَا عَلِمْت كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا أَوْلَى، فَلِذَا اخْتَارَهَا الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ وَالْحِلْيَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَى مَعْقِدِ الشِّرَاكِ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَيْهِ شِرَاكُ النَّعْلِ بِالْكَسْرِ أَيْ سَيْرُهُ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَفْصِلُ الَّذِي فِي وَسَطِ الْقَدَمِ وَيُسَمَّى كَعْبًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْإِحْرَامِ: يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ إلَى مَقْعَدِ الشِّرَاكِ هُوَ عِبَارَةُ الْمُبْتَغَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ مَحَلِّ الْفَرْضِ اللَّازِمِ، وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَصْلِ السَّاقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ أَسْفَلُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ لَا مَا يَلِي الْبَشَرَةَ كَمَا حَقَّقَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْبَدَائِعِ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ النَّهْرِ، حَيْثُ قَالَ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فِي الْمَسْحِ، إلَّا إذَا كَانَ عَلَى بَاطِنِهِ نَجَاسَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ.
وَأَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْ الْبَدَائِعِ نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَاطِنِ لَا يَجُوزُ، وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَهُ الْجَمْعُ إلَخْ، فَضَمِيرُ الْغَيْبَةِ رَاجِعٌ إلَى الشَّافِعِيِّ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَا سِوَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ الْخُفِّ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْمَسْحِ لَا فَرْضًا وَلَا سُنَّةً، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسَنُّ مَسْحُهُمَا. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَا يُسَنُّ مَسْحُ بَاطِنِ الْخُفِّ مَعَ ظَاهِرِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ شُرِعَتْ مُكَمِّلَةً لِلْفَرَائِضِ، وَالْإِكْمَالُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَرْضِ لَا فِي غَيْرِهِ. اهـ. وَفِي غَيْرِهِ نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الْمُرَادُ. اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ: أَيْ وَفِي غَيْرِ الْمُحِيطِ قَالَ: لَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُحِيطِ لَا يُسَنُّ.
وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: السُّنَّةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ مَسْحُ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» وَعِنْدَنَا وَأَحْمَدَ لَا مَدْخَلَ لِأَسْفَلِهِ فِي الْمَسْحِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ شَاذٌّ لَا يُعَارِضُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَلِهَذَا قِيلَ إنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إنْ ثَبَتَ. وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا يُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ. اهـ.
فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْجَمْعِ قَوْلٌ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا، لَا كَمَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ أَوْ جُرْمُوقَيْهِ) بِضَمِّ الْجِيمِ: جِلْدٌ يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ لِحِفْظِهِ مِنْ الطِّينِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَيُقَالُ لَهُ الْمُوقُ، وَلَيْسَ غَيْرُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَوْقَ خُفٍّ) أَفَادَ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ أَيْضًا وَهَذَا لَوْ كَانَا مِنْ جِلْدٍ، فَلَوْ مِنْ كِرْبَاسٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ فَوْقَ الْخُفِّ إلَّا أَنْ يَصِلَ بَلَلُ الْمَسْحِ إلَى الْخُفِّ، ثُمَّ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَا بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَا يَصِحُّ مَسْحُهُمَا، حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِمَا خَرْقٌ مَانِعٌ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا سِرَاجٌ، وَأَنْ يَلْبَسَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ، فَلَوْ كَانَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِهِمَا ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ لَا يَكُونَانِ تَبَعًا لِلْخُفِّ، صَرَّحَ بِهَذَا الشَّرْطِ فِي السِّرَاجِ وَشُرُوحِ الْمَجْمَعِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست