responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 23
فِي اضْطِرَامِهِ بِالْقَلَقِ، لِلَّهِ دَرُّ الْحَسَدِ مَا أَعْدَلَهْ، بَدَأَ بِصَاحِبِهِ فَقَتَلَهْ.
وَمَا أَنَا مِنْ كَيْدِ الْحَسُودِ بِآمِنٍ ... وَلَا جَاهِلٍ يَزْرِي وَلَا يَتَدَبَّرُ
وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:
هُمْ يَحْسُدُونِي وَشَرُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... مَنْ عَاشَ فِي النَّاسِ يَوْمًا غَيْرَ مَحْسُودِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِثْلُهُ: امْتَلَأَ الْكُوزُ مَاءً، وَآخَرُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ كَفَى، وَلَمْ يَزِدْ الْبَاءَ فِي فَاعِلِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ غَالِبٌ، بِخِلَافِ زِيَادَتِهَا فِي فَاعِلِ أَفْعَلَ فِي التَّعَجُّبِ فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ؛ لَكِنْ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ: إنْ كَانَ كَفَى بِمَعْنَى أَجْزَأَ وَأَغْنَى أَوْ بِمَعْنَى وَقَى لَمْ تَزِدْ الْبَاءُ فِي فَاعِلِهَا هَكَذَا قِيلَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَفْصَحَ عَنْ مَعْنَى كَفَى الَّتِي تَغْلِبُ زِيَادَةُ الْبَاءِ فِي فَاعِلِهَا. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا قَاصِرَةٌ لَا مُتَعَدِّيَةٌ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ فَافْهَمْ. وَوَجْهُ الذَّمِّ أَنَّهُ تَعَالَى أَسْنَدَ إلَيْهِ الشَّرَّ وَأَمَرَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ، وَأَيُّ ذَمٍّ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي اضْطِرَامِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِكَفَى أَوْ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ الْحَاسِدِ، أَوْ فِي لِلتَّعْلِيلِ كَمَا فِي حَدِيثِ «إنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا» أَوْ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي - {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38]- وَالِاضْطِرَامُ كَمَا قَالَ ح عَنْ جَامِعِ اللُّغَةِ: اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا يُسْرِعُ اشْتِعَالَهَا فِيهِ. قَالَ ط: شَبَّهَ شِدَّةَ تَحَسُّرِهِ لِفَوَاتِ غَرَضِهِ بِالِاشْتِعَالِ (قَوْلُهُ: بِالْقَلَقِ) هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: الِانْزِعَاجُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: لِلَّهِ دَرُّ الْحَسَدِ) فِي الرَّضِي: الدَّرُّ فِي الْأَصْلِ مَا يُدَرُّ: أَيْ مَا يَنْزِلُ مِنْ الضَّرْعِ مِنْ اللَّبَنِ وَمِنْ الْغَيْمِ مِنْ الْمَطَرِ، وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ فِعْلِ الْمَمْدُوحِ الصَّادِرِ عَنْهُ؛ وَإِنَّمَا نُسِبَ فِعْلُهُ لِلَّهِ تَعَالَى قَصْدًا لِلتَّعَجُّبِ مِنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنْشِئُ الْعَجَائِبِ، وَكُلُّ شَيْءٍ عَظِيمٍ يُرِيدُونَ التَّعَجُّبَ مِنْهُ يَنْسُبُونَهُ إلَيْهِ تَعَالَى وَيُضِيفُونَهُ إلَيْهِ؛ فَمَعْنَى لِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَعْجَبَ فِعْلَهُ، وَفِي الْقَامُوسِ: وَقَوْلُهُمْ وَلِلَّهِ دَرُّهُ: أَيْ عَمَلُهُ كَذَا فِي حَوَاشِي الْجَامِيِّ لِلْمَوْلَى عِصَامٍ، ثُمَّ قَالَ: فَقَوْلُ الشَّرْحِ يَعْنِي الْجَامِيَّ لِلَّهِ خَيْرُهُ بِجَعْلِ الدَّرِّ كِنَايَةً عَنْ الْخَيْرِ لَا يُوَافِقُ تَحْقِيقَ اللُّغَةِ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (قَوْلُهُ: مَا أَعْدَلَهْ إلَخْ) تَعَجُّبٌ ثَانٍ مُتَضَمِّنٌ لِبَيَانِ مَنْشَإِ التَّعَجُّبِ. وَفِي الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ قَالَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ فِي خِلَالِ الشَّرِّ خَلَّةٌ أَعْدَلَ مِنْ الْحَسَدِ تَقْتُلُ الْحَاسِدَ غَمًّا قَبْلَ الْمَحْسُودِ اهـ لَكِنَّ شَرْطَهُ مَا قَالَ الشَّاعِرُ:
دَعْ الْحَسُودَ وَمَا يَلْقَاهُ مِنْ كَمَدِهِ ... كَفَّاك مِنْهُ لَهَيْبُ النَّارِ فِي كَبِدِهِ
إنْ لُمْتَ ذَا حَسَدٍ نَفَّسْت كُرْبَتَهُ ... وَإِنْ سَكَتَّ فَقَدْ عَذَّبْتَهُ بِيَدِهِ
وَقَالَ آخَرُ وَقَدْ أَجَادَ:
اصْبِرْ عَلَى كَيْدِ الْحَسُودِ ... فَإِنَّ صَبْرَك يَقْتُلُهُ
النَّارُ تَأْكُلُ بَعْضَهَا ... إنْ لَمْ تَجِدْ مَا تَأْكُلُهُ
(قَوْلُهُ: وَمَا أَنَا إلَخْ) الْبَيْتُ مِنْ الْمَنْظُومَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ، قَالَ شَارِحُهَا الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ: الْكَيْدُ الْخَدِيعَةُ وَالْمَكْرُ، وَالْحَسُودُ فَعُولٌ مِنْ الْحَسَدِ فِيهِ مُبَالَغَةٌ فِي مَعْنَى الْحَاسِدِ. وَالْآمِنُ: الْمُطْمَئِنُّ، وَلَا جَاهِلٍ عَطْفٌ عَلَى الْحَسُودِ، يَعْنِي وَلَا مِنْ كَيَدِ جَاهِلٍ وَيَزْرِي بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ مِنْ زَرَى عَلَيْهِ: إذَا عَابَهُ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعُدَّهُ شَيْئًا أَوْ تَهَاوَنَ بِهِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا مِنْ أَزَرَى. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: لَكِنَّهُ قِيلَ وَتُزْرِي وَأَزْرَى بِأَخِيهِ: أَدْخَلَ عَلَيْهِ عَيْبًا أَوْ أَمْرًا يُرِيدُ أَنْ يُلْبِسَ عَلَيْهِ وَلَا يَتَدَبَّرُ عَطْفٌ عَلَيْهِ: أَيْ لَا يَتَفَكَّرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ. وَسَبَبُ هَذَا الْبَيْتِ أَنَّهُ اُبْتُلِيَ بِمَا اُبْتُلِيتُ بِهِ مِنْ حَسَدِ الْحَاسِدِينَ وَكَيْدِ الْمُعَانِدِينَ، وَاَللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يَجْعَلَ كَيْدَهُمْ فِي نَحْرِهِمْ، فَبَعْضُهُمْ اسْتَكْثَرَهُ عَلَيْهِ وَالْبَعْضُ قَالَ إنَّهُ مَسْبُوقٌ إلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: هُمْ يَحْسُدُونِي) أَصْلُهُ يَحْسُدُونَنِي حُذِفَتْ إحْدَى

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست