responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 183
(وَيَجُوزُ) رَفْعُ الْحَدَثِ (بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ مَاتَ فِيهِ) أَيْ الْمَاءِ وَلَوْ قَلِيلًا (غَيْرُ دَمَوِيٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَاصِلُهُ الرَّدُّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ بِأَنَّ الْمُحْدِثَ إذَا انْغَمَسَ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ صَارَ مُسْتَعْمِلًا لِجَمِيعِ الْمَاءِ حُكْمًا وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً هُوَ الْمُلَاقِي لِلْعُضْوِ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُلْقِيَ فِيهِ الْمُسْتَعْمَلُ الْقَلِيلُ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْجَمِيعِ بِالِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ لَمْ يَسْتَعْمِلْ شَيْئًا مِنْهُ حَتَّى يَدَّعِيَ ذَلِكَ، إنَّمَا الْمُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا هُوَ ذَلِكَ الْمُلْقَى فَقَطْ. وَمُلَخَّصُهُ: أَنَّ الْمُلْقَى لَا يَصِيرُ بِهِ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِالْغَلَبَةِ، بِخِلَافِ الْمُلَاقِي فَإِنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا كُلَّهُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ الْعُضْوِ لَهُ.
وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ وَالِاخْتِلَاطَ فِي الصُّورَتَيْنِ سَوَاءٌ، بَلْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إلْقَاءُ الْغُسَالَةِ مِنْ الْخَارِجِ أَقْوَى تَأْثِيرًا مِنْ غَيْرِهِ لِتَعَيُّنِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ اهـ وَبِذَلِكَ أَمَرَ الشَّارِحُ بِالتَّأَمُّلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِمَّا تَحَيَّرَتْ فِيهَا أَفْهَامُ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ وَوَقَعَ فِيهَا بَيْنَهُمْ النِّزَاعُ وَشَاعَ وَذَاعَ، وَأَلَّفَ فِيهَا الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ رِسَالَةً سَمَّاهَا رَفْعُ الِاشْتِبَاهِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمِيَاهِ حَقَّقَ فِيهَا عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُلْقَى وَالْمُلَاقِي: أَيْ فَلَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، بَلْ تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ فِي الْمُلَاقِي كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الْمُلْقَى، وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَهْلِ عَصْرِهِ. تَعَقَّبَهُ غَيْرُهُمْ مِنْهُمْ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِ بِرِسَالَةٍ سَمَّاهَا زَهْرُ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوْضِ وَقَالَ: لَا تَغَيُّرَ بِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ. وَرَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فِي الْإِنَاءِ لِلتَّبَرُّدِ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ وَبِمَا فِي الْأَسْرَارِ لِلْإِمَامِ أَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ.
ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ لَمَّا اغْتَسَلَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ صَارَ الْكُلُّ مُسْتَعْمَلًا حُكْمًا اهـ وَمِنْ هُنَا نَشَأَ الْفَرْقُ السَّابِقُ وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ، وَانْتَصَرَ فِي الْبَحْرِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَأَلَّفَ رِسَالَةً سَمَّاهَا الْخَيْرُ الْبَاقِي فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْفَسَاقِيِ وَأَجَابَ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الشِّحْنَةِ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّجَاسَةَ وَلَوْ قَلِيلَةً تُفْسِدُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ، وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ الْبَاقَانِيُّ وَالشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ النَّابُلُسِيُّ وَوَلَدُهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ وَكَذَا فِي النَّهْرِ وَالْمِنَحِ، وَعَلِمْت أَيْضًا مُوَافَقَتَهُ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ أَمِيرٍ الْحَاجِّ وَقَارِئِ الْهِدَايَةِ، وَإِلَيْهِ يَمِيلُ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي الْخَزَائِنِ مَالَ إلَى تَرْجِيحِهِ وَقَالَ إنَّهُ الَّذِي حَرَّرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَنَقْلِهِ عِبَارَاتِهَا الْمُضْطَرِبَةَ ظَاهِرًا، وَعَلَى مَا أَلَّفَ فِي هَذَا الْخُصُوصِ مِنْ الرَّسَائِلِ وَأَقَامَ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى الصَّادِقَةِ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ، وَقَدْ حُرِّرَتْ فِي ذَلِكَ رِسَالَةٌ حَافِلَةٌ كَافِلَةٌ بِذَلِكَ مُتَضَمِّنَةٌ لِتَحْقِيقِ مَا هُنَاكَ، وَبَلَغَنِي أَنَّ شَيْخَنَا الشَّيْخَ شَرَفَ الدِّينِ الْغَزِّيِّ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ مَالَ إلَى ذَلِكَ كَذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَفِي ذَلِكَ تَوْسِعَةٌ عَظِيمَةٌ وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ انْقِطَاعِ الْمِيَاهِ عَنْ حِيَاضِ الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا فِي بِلَادِنَا وَلَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ لَا يَخْفَى، فَيَنْبَغِي لِمَنْ يُبْتَلَى بِذَلِكَ أَنْ لَا يَغْسِلَ أَعْضَاءَهُ فِي ذَلِكَ الْحَوْضِ الصَّغِيرِ بَلْ يَغْتَرِفُ مِنْهُ وَيَغْسِلُ خَارِجَهُ وَإِنْ وَقَعَتْ الْغُسَالَةُ فِيهِ لِيَكُونَ مِنْ الْمُلْقَى لَا مِنْ الْمُلَاقِي الَّذِي فِيهِ النِّزَاعُ، فَإِنَّ هَذَا الْمَقَامَ فِيهِ لِلْمَقَالِ مَجَالٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ) أَيْ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِي نَحْوِ الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ أَوْلَى هُنَا مِنْ إرَادَةِ الْحِلِّ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ إرَادَةَ الْأَوَّلِ فِي الْعُقُودِ وَالثَّانِي فِي الْأَفْعَالِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَقْسَامِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ دَمَوِيٍّ) الْمُرَادُ مَا لَا دَمَ لَهُ سَائِلٌ، لِمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَدَمُ السَّيَلَانِ لَا عَدَمُ أَصْلِهِ، حَتَّى لَوْ وُجِدَ حَيَوَانٌ لَهُ دَمٌ جَامِدٌ لَا يَنْجُسُ. اهـ. أَقُولُ: وَكَذَا دَمُ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ فَإِنَّهُ غَيْرُ سَائِلٍ، وَخَرَجَ الدَّمَوِيُّ سَوَاءٌ كَانَ دَمُهُ مِنْ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست