responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 180
وَلَوْ مُثْبَتَةً فِي مَقَامِ الِامْتِنَانِ تَعُمُّ (وَمَاءِ زَمْزَمَ) بِلَا كَرَاهَةٍ وَعَنْ أَحْمَدَ يُكْرَهُ (وَبِمَاءٍ قُصِدَ تَشْمِيسُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ) وَكَرَاهَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ طِبِّيَّةٌ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْمُسَخَّنَ بِالنَّجَاسَةِ.

(وَ) يُرْفَعُ (بِمَاءٍ يَنْعَقِدُ بِهِ مِلْحٌ لَا بِمَاءٍ) حَاصِلٍ بِذَوَبَانِ (مِلْحٍ) لِبَقَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى طَبِيعَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَانْقِلَابِ الثَّانِي إلَى طَبِيعَةِ الْمِلْحِيَّةِ (وَ) لَا (بِعَصِيرِ نَبَاتٍ) أَيْ مُعْتَصَرٍ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ (بِخِلَافِ مَا يَقْطُرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّ مَاءً فِي الْآيَةِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تَعُمُّ. وَبَيَانُ الْجَوَابِ أَنَّ النَّكِرَةَ فِي الْإِثْبَاتِ قَدْ تَعُمُّ لِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ، كَمَا إذَا وُصِفَتْ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مِثْلُ - {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ} [البقرة: 221]- أَوْ غَيْرُ لَفْظِيَّةٍ مِثْلُ - {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [التكوير: 14]- وَمِثْلُ: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ وَهُنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ السِّيَاقَ لِلِامْتِنَانِ هُوَ تَعْدَادُ النِّعَمِ مِنْ الْمُنْعِمِ، فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ كُلَّ مَاءٍ فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ لَا بَعْضَ الْمَاءِ حَتَّى يُفِيدَ أَنَّ بَعْضَ مَا فِي الْأَرْضِ لَيْسَ مِنْ السَّمَاءِ؛ لِأَنَّ كَمَالَ الِامْتِنَانِ فِي الْعُمُومِ، وَيُسْتَدَلُّ بِالْآيَةِ أَيْضًا عَلَى طَهَارَتِهِ إذْ لَا مِنَّةَ بِالنَّجَسِ.
(قَوْلُهُ: بِلَا كَرَاهَةٍ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى فَائِدَةِ التَّصْرِيحِ بِهِ مَعَ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ وَآبَارٍ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِمَاءِ زَمْزَمَ لَا الِاغْتِسَالُ. اهـ. فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ خَاصٌّ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ بِخِلَافِ الْخَبَثِ.
(قَوْلُهُ: قُصِدَ تَشْمِيسُهُ) قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ تَشَمَّسَ بِنَفْسِهِ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَكَرَاهَتُهُ إلَخْ) أَقُولُ: الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي شَرْحَيْ ابْنِ حَجَرٍ وَالرَّمْلِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ تَنْزِيهِيَّةٌ لَا طِبِّيَّةٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَاسْتِعْمَالُهُ يُخْشَى مِنْهُ الْبَرَصُ كَمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْأَطِبَّاءِ لِقَبْضِ زُهُومَتِهِ عَلَى مَسَامِّ الْبَدَنِ فَتَحْبِسُ الدَّمَ، وَذَكَرَ شُرُوطَ كَرَاهَتِهِ عِنْدَهُمْ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَقْتَ الْحَرِّ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ غَيْرِ نَقْدٍ، وَأَنْ يُسْتَعْمَلَ وَهُوَ حَارٌّ. أَقُولُ: وَقَدَّمْنَا فِي مَنْدُوبَاتِ الْوُضُوءِ عَنْ الْإِمْدَادِ أَنَّ مِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِمَاءٍ مُشْمَسٍ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحِلْيَةِ مُسْتَدِلًّا بِمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ مِنْ النَّهْيِ عَنْهُ؛ وَلِذَا صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ بِكَرَاهَتِهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ: وَتُكْرَهُ الطَّهَارَةُ بِالْمُشْمِسِ، «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حِينَ سَخَّنَتْ الْمَاءَ بِالشَّمْسِ لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءَ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ» وَعَنْ عُمَرَ مِثْلُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُكْرَهُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ. وَالشَّافِعِيُّ: يُكْرَهُ إنْ قَصَدَ تَشْمِيسَهُ. وَفِي الْغَايَةِ: وَكُرِهَ بِالْمُشْمَسِ فِي قُطْرٍ حَارٍّ فِي أَوَانٍ مُنْطَبِعَةٍ، وَاعْتِبَارُ الْقَصْدِ ضَعِيفٌ، وَعَدَمُهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ اهـ مَا فِي الْمِعْرَاجِ، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُتَعَمَّدَ الْكَرَاهَةُ عِنْدَنَا لِصِحَّةِ الْأَثَرِ وَأَنَّ عَدَمَهَا رِوَايَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ عِنْدَنَا أَيْضًا، بِدَلِيلِ عَدِّهِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ، فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.

(قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْأَوَّلِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ أَبْدَاهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ بَعْدَمَا نَقَلَ الْأُولَى عَنْ عُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَالثَّانِيَةَ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهُ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي بِأَنَّ عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءِ الْمِلْحِ لَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ طَبْعِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَجْمُدُ صَيْفًا وَيَذُوبُ شِتَاءً. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا يَجُوزُ بِمَاءِ الْمِلْحِ، وَهُوَ مَا يَجْمُدُ فِي الصَّيْفِ وَيَذُوبُ فِي الشِّتَاءِ عَكْسُ الْمَاءِ، وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِمَاءِ الْمِلْحِ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ انْعَقَدَ مِلْحًا ثُمَّ ذَابَ أَوْ لَا؟ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: أَيْ مُعْتَصَرٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عَصِيرَ اسْمُ مَفْعُولٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ شَجَرٍ) يَنْبَغِي أَنْ يَعُمَّ بِمَا لَهُ سَاقٌ أَوْ لَا، لِيَشْمَلَ الرِّيبَاسَ وَأَوْرَاقَ الْهِنْدَبَا وَغَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ إسْمَاعِيلَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ نَهْرٌ كَالْعِنَبِ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست