responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 16
ثُمَّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الْمَحْمِيَّةِ الْحَنَفِيُّ: لَمَّا بَيَّضْت الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ خَزَائِنِ الْأَسْرَارِ، وَبَدَائِعِ الْأَفْكَارِ، فِي شَرْحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى - {وَالتِّينِ} [التين: 1]- أَنَّهُ مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَكَانَ بُسْتَانًا لِنَبِيِّ اللَّهِ هُودٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ شَجَرُ التِّينِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهُ الْوَلِيدُ اهـ فَهُوَ الْمَعْبَدُ الْقَدِيمُ الَّذِي تَشَرَّفَ بِالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَصَلَّى فِيهِ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ. وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَا كَانَ أَقْدَمَ، بَلْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ أَخْبَارِ الدُّوَلِ بِالسَّنَدِ إلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ بِثَلَاثِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ، وَهُوَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ إلَى وَقْتِنَا هَذَا مَعْمُورٌ بِالْعِبَادَةِ وَمَجْمَعُ الْعِلْمِ وَالْإِفَادَةِ.
وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى أَنْ يَهْبِطَ عَلَى مَنَارَتِهِ الشَّرْقِيَّةِ الْبَيْضَاءِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، إلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا مِنْ الْأَنَامِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُفْتِي إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْإِفْتَاءَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ مَعَ الْإِمَامَةِ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ عَنْهَا ط وَفِي تَارِيخِ الْمُحِبِّيِّ أَنَّهُ تَوَلَّى الْإِفْتَاءَ خَمْسَ سِنِينَ. وَكَانَ مُتَحَرِّيًا فِي أَمْرِ الْفَتْوَى غَايَةَ التَّحَرِّي، وَلَمْ يُضْبَطْ عَلَيْهِ شَيْءٌ خَالَفَ فِيهِ الْقَوْلَ الْمُصَحَّحَ (قَوْلُهُ: بِدِمَشْقَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَقَدْ تُكْسَرُ: قَاعِدَةُ الشَّامِ، سُمِّيَتْ بِبَانِيهَا دِمْشَاقُ بْنُ كَنْعَانَ قَامُوسٌ. وَقِيلَ بَانِيهَا غُلَامُ الْإِسْكَنْدَرِ وَاسْمُهُ دِمَشْقُ أَوْ دِمَشْقَشُ. وَهِيَ أَنْزَهُ بِلَادِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ: جَنَّاتُ الدُّنْيَا أَرْبَعٌ: غُوطَةُ دِمَشْقَ وَصُغْدُ سَمَرْقَنْدَ وَشِعْبُ بَوَّانَ وَجَزِيرَةُ نَهْرِ الْأُبُلَّةِ. وَفَضْلُ غُوطَةِ دِمَشْقَ عَلَى الثَّلَاثَةِ كَفَضْلِ الثَّلَاثَةِ عَلَى سَائِرِ الدُّنْيَا، وَنَاهِيك مَا وَرَدَ فِيهَا خُصُوصًا وَفِي الشَّامِ عُمُومًا مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ (قَوْلُهُ: الْحَنَفِيُّ) ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ فِي آخِرِ شَرْحِ أَلْفِيَّةِ الْحَدِيثِ: أَنَّ النِّسْبَةَ إلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَى الْقَبِيلَةِ وَهُمْ بَنُو حَنِيفَةَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ.
وَأَنْ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيَّ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا بِزِيَادَةِ يَاءٍ فِي النِّسْبَةِ لِلْمَذْهَبِ وَيَقُولُونَ حَنِيفِيٌّ، وَأَنَّهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمْ أَجِدْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ النَّحْوِيِّينَ إلَّا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ (قَوْلُهُ: لَمَّا بَيَّضْت) الْجُمْلَةُ إلَى آخِرِ الْكِتَابِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَقُولُ الْقَوْلِ أَوْ كُلُّ جُمْلَةٍ مِنْ الْكِتَابِ مَحَلُّهَا نَصْبٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ جُزْءَ الْمَقُولِ لَهُ مَحَلٌّ، أَوْ لَيْسَ لَهُ مَحَلٌّ وَهُمَا قَوْلَانِ ط (قَوْلُهُ: مِنْ خَزَائِنِ الْأَسْرَارِ) الْخَزَائِنُ جَمْعُ خِزَانَةٍ أَلِفُهَا زَائِدَةٌ تُقْلَبُ فِي الْجَمْعِ هَمْزَةً كَقَلَائِدَ فِي الْأَلْفِيَّةِ:
وَالْمُدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ ... هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ
فَتُكْتَبُ بِهَمْزَةٍ لَا بِيَاءٍ بِنُقْطَتَيْنِ مِنْ تَحْتٍ بِخِلَافِ نَحْوَ مَعَايِشَ فَإِنَّ الْيَاءَ فِي الْمُفْرَدِ أَصْلِيَّةٌ فَتُكْتَبُ بِهَا ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. [فَائِدَةٌ] مِنْ لَطَائِفِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْخِزَانَةِ وَالْقَصْعَةِ أَيُقْرَآنِ بِالْفَتْحِ أَوْ بِالْكَسْرِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا تُفْتَحُ الْخِزَانَةُ، وَلَا تُكْسَرُ الْقَصْعَةُ، (قَوْلُهُ: وَبَدَائِعِ) جَمْعُ بَدِيعَةٍ. مِنْ ابْتَدَعَ الشَّيْءَ: ابْتَدَأَهُ (قَوْلُهُ: الْأَفْكَارِ) جَمْعُ فِكْرٍ بِالْكَسْرِ وَيُفْتَحُ: إعْمَالُ النَّظَرِ فِي الشَّيْءِ كَالْفِكْرَةِ وَالْفِكْرَى قَامُوسٌ. وَالْمُرَادُ مَا ابْتَدَعَهُ بِفِكْرِهِ مِنْ الْأَبْحَاثِ وَحُسْنِ التَّرْكِيبِ وَالْوَضْعِ، أَوْ مَا ابْتَدَعَهُ الْمُجْتَهِدُ وَاسْتَنْبَطَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِمَعَانِي أَجْزَاءِ الْعَلَمِ قَبْلَ الْعَلَمِيَّةِ. أَمَّا بَعْدَهَا فَالْمَجْمُوعُ اسْمُ الْكِتَابِ
(قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ) إنْ كَانَ مِنْ جُزْءِ الْعَلَمِ فَلَا يُبْحَثُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى حَذْفُ " فِي " لِأَنَّ خَزَائِنَ الْأَسْرَارِ هُوَ نَفْسُ الشَّرْحِ. وَظَاهِرُ الظَّرْفِيَّةِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ أَفَادَهُ ط. أَقُولُ: وَقَدْ تُزَادُ فِي، وَحُمِلَ عَلَى بَعْضِهِمْ قَوْله تَعَالَى - {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا} [هود: 41]- وَيُمْكِنُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ حَالًا وَالظَّرْفِيَّةُ فِيهَا مَجَازِيَّةٌ مِثْلُ - {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]- وَيُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِمَذْكُورٍ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ قَبْلَ الْعَلَمِيَّةِ، فَإِنَّ الْأَعْلَامَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا اللَّفْظَ قَدْ يُلَاحَظُ مَعَهَا الْمَعَانِي الْأَصْلِيَّةُ بِالتَّبَعِيَّةِ، وَلِهَذَا نَادَى بَعْضُ الْكَفَرَةِ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَبِي الْفَصِيلِ أَفَادَهُ حَسَنٌ جَلَبِي فِي حَاشِيَةِ التَّلْوِيحِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْمَوْسُومِ بِالتَّلْوِيحِ إلَى

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست