responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 157
فَقَدْ أَكْمَلَ السُّنَّةَ (الْبُدَاءَةُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ وَفَرْجِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ خَبَثٌ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ (وَخَبَثِ بَدَنِهِ إنْ كَانَ) عَلَيْهِ خَبَثٌ لِئَلَّا يَشِيعَ (ثُمَّ يَتَوَضَّأُ) أَطْلَقَهُ فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ، فَلَا يُؤَخِّرُ قَدَمَيْهِ وَلَوْ فِي مَجْمَعِ الْمَاءِ لِمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ طَهَارَةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالِاسْتِعْمَالِ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ كُلِّ الْبَدَنِ لِأَنَّهُ فِي الْغُسْلِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ الْمُوجِبُونَ تَرْتِيبَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ لَوْ غَطَسَ فِي مَاءٍ وَمَكَثَ قَدْرَ التَّرْتِيبِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الصِّحَّةَ بِلَا مُكْثٍ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَحْصُلُ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ سُنَنَ الْغُسْلِ: وَيَكْفِي فِي رَاكِدٍ تَحَرُّكُ جَمِيعِ الْبَدَنِ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ قَدَمَهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ حَرَكَةٍ تُوجِبُ مُمَاسَّةَ مَاءٍ لِبَدَنِهِ غَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي قَبْلَهَا اهـ مُلَخَّصًا. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَاءٍ جَارٍ يَحْصُلُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ وَالتَّرْتِيبِ وَالْوُضُوءِ بِلَا مُكْثٍ وَلَا تَحَرَّكَ وَلَوْ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّحَرُّكِ، أَوْ الِانْتِقَالِ الْقَائِمِ مَقَامَ الصَّبِّ فَيَحْصُلُ بِهِ مَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الدُّرَرِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصُبَّ لَمْ يَكُنْ الْغُسْلُ مَسْنُونًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْبُدَاءَةُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ هَذَا الْغُسْلَ غَيْرُ الْغُسْلِ الَّذِي فِي الْوُضُوءِ.
(قَوْلُهُ: وَفَرْجِهِ) أَيْ ثُمَّ فَرْجِهِ، بِأَنْ يُفِيضَ الْمَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَيْهِ فَيَغْسِلَهُ بِالْيُسْرَى ثُمَّ يُنَقِّيَهُ، وَالْفَرْجُ قُبُلُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الدُّبُرِ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ. اهـ. قُهُسْتَانِيٌّ: أَيْ فَيَشْمَلُ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ خَبَثٌ) رَدٌّ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ وَابْنِ الْكَمَالِ.
(قَوْلُهُ: اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ) وَهُوَ مَا رَوَى الْجَمَاعَةُ عَنْ «مَيْمُونَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ وَضَعْت لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ» فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: وَخَبَثِ بَدَنِهِ) أَيْ لَوْ قَلِيلًا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ. وَأَفَادَ أَنَّ السُّنَّةَ نَفْسُ الْبُدَاءَةِ بِغُسْلِ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا نَفْسُ غَسْلِهَا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ قَلِيلَةً فِيمَا يَظْهَرُ لِتَنَجُّسِ الْمَاءِ بِهَا، فَلَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَمَّا تَحْتَهَا مَا لَمْ تَزَلْ كَمَا بَحَثَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ وَقَالَ لَمْ أَجِدْ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ أَئِمَّتِنَا. أَقُولُ: وَرَأَيْته فِي شَرْحِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَلَى الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ ذَكَرَهُ جَازِمًا بِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَعْزُهُ إلَى أَحَدٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ) أَيْ بِجَمِيعِ سُنَنِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، قَالَ: وَيَمْسَحُ فِيهِ رَأْسَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَجْمَعِ الْمَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ وَاقِفًا فِي مَحَلٍّ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ الْغُسْلُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ كَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَقِيلَ يُؤَخَّرُ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَكْثَرِ وَإِطْلَاقِ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ إنْ كَانَ فِي مَجْمَعِ الْمَاءِ فَيُؤَخَّرُ وَإِلَّا فَلَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ وَالْكَافِي. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ لَا فِي الْجَوَازِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا أَنَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْمَشَايِخِ الْقَائِلِينَ بِالتَّأْخِيرِ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيمِ غَسْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَتَلَوَّثَانِ بِالْغَسَلَاتِ بَعْدُ فَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِمَا ثَانِيًا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى غَسْلِهِمَا ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ طَهَارَةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْهِنْدِيُّ: إنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى رِوَايَةِ نَجَاسَتِهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) تَرَقٍّ فِي الْجَوَابِ، وَحَاصِلُهُ مَنْعُ كَوْنِ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَمَا دَامَتْ رِجْلَاهُ فِي الْمَاءِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الِانْفِصَالِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْمَاءِ حُكِمَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَلَمْ يُصِبْهُ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ خُرُوجِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ.

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست