responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 14
الَّذِينَ حَازُوا مِنْ مِنَحِ فَتْحِ كَشْفِ فَيْضِ فَضْلِك الْوَافِي حَقَائِقًا. وَبَعْدُ: فَيَقُولُ فَقِيرُ ذِي اللُّطْفِ الْخَفِيِّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ يُقَالُ إنْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَعُودُ صُحْبَتُهُ مَا لَمْ يَلْقَهُ لِبَقَاءِ سَبَبِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الَّذِينَ حَازُوا) أَيْ جَمَعُوا (قَوْلُهُ: مِنْ مِنَحِ إلَخْ) فِيهِ صِنَاعَةُ التَّوْجِيهِ حَيْثُ ذَكَرَ أَسْمَاءَ الْكُتُبِ وَهِيَ الْمِنَحُ لِلْمُصَنِّفِ وَالْفَتْحُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ وَالْكَشْفُ شَرْحُ الْمَنَارِ لِلنَّسَفِيِّ وَالْفَيْضُ لِلْكُرْكِيِّ وَالْوَافِي مَتْنُ الْكَافِي لِلنَّسَفِيِّ وَالْحَقَائِقُ شَرْحُ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ، وَفِيهِ حُسْنُ الْإِبْهَامِ بِذِكْرِ مَا لَهُ مَعْنًى قَرِيبٌ وَمَعْنًى بَعِيدٌ. وَأَرَادَ الْمَعْنَى الْبَعِيدَ وَهُوَ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةُ هُنَا دُونَ الِاصْطِلَاحِيَّةِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ: أَيْ حَازُوا عَنْ عَطَايَا فَتْحِ بَابِ كَشْفٍ: أَيْ إظْهَارِ فَيْضٍ أَيْ كَثِيرِ فَضْلِك أَيْ إنْعَامِك الْوَافِي أَيْ التَّامِّ حَقَائِقًا أَيْ أُمُورًا مُحَقَّقَةً.
وَبِهَذِهِ اللَّطَافَةِ يُغْتَفَرُ مَا فِيهِ مِنْ تَتَابُعِ الْإِضَافَاتِ الَّذِي عُدَّ مُخِلًّا بِالْفَصَاحَةِ إلَّا إذَا لَمْ يَثْقُلْ عَلَى اللِّسَانِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ الْكَلَامَ مِلَاحَةً وَلَطَافَةً. فَيَكُونُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ. وَيُسَمَّى الِاطِّرَادُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} [مريم: 2]- وقَوْله تَعَالَى - {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} [الأنفال: 52]-.
[تَنْبِيهٌ] حَقَائِقًا بِالْأَلِفِ لِلسَّجْعِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ. فَصَرَفَهُ هُنَا عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى - {سَلاسِلَ وَأَغْلالا} [الإنسان: 4]- وقَوْله تَعَالَى - قَوَارِيرًا - فِي قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَهُمَا. وَذَكَرُوا لِذَلِكَ أَوْجُهًا مِنْهَا التَّنَاسُبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ " سَلَاسِلَا " بِالْأَلِفِ دُونَ تَنْوِينٍ (قَوْلُهُ: وَبَعْدُ) يُؤْتَى بِهَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى أُسْلُوبٍ آخَرَ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ. فَهِيَ مِنْ الِاقْتِضَابِ الْمَشُوبِ بِالتَّخَلُّصِ.
وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا. وَدَاوُد أَقْرَبُ. وَهِيَ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ، وَهِيَ مِنْ الظُّرُوفِ الزَّمَانِيَّةِ أَوْ الْمَكَانِيَّةِ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْ الْإِضَافَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ لِنِيَّةِ مَعْنَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ مَنْصُوبَةٌ غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ لِنِيَّةِ لَفْظِهِ أَوْ مُنَوَّنَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ لَفْظَهُ وَلَا مَعْنَاهُ. وَالثَّالِثُ لَا يُحْتَمَلُ هُنَا لِعَدَمِ مُسَاعَدَةِ الْخَطِّ إلَّا عَلَى لُغَةِ مَنْ لَا يَكْتُبُ الْأَلْفَ الْمُبْدَلَةَ عَنْ التَّنْوِينِ حَالَ النَّصْبِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُتَعَلِّقٍ. فَإِنْ كَانَتْ الْوَاوُ هُنَا نَائِبَةً عَنْ أَمَّا كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَمُتَعَلِّقُهَا إمَّا الشَّرْطُ أَوْ الْجَزَاءُ، وَالثَّانِي أَوْلَى لِيُفِيدَ تَأْكِيدَ الْوُقُوعِ. لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ يُفِيدُ وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ أَلْبَتَّةَ.
وَالتَّقْدِيرُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَيَقُولُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالتَّصْلِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ. أَوْ لِلِاسْتِئْنَافِ فَالْعَامِلُ فِيهَا يَقُولُ. وَزِيدَتْ فِيهِ الْفَاءُ لِتَوَهُّمِ أَمَّا إجْرَاءً لِلْمُتَوَهَّمِ مَجْرَى الْمُحَقَّقِ كَمَا فِي: وَلَا سَابِقَ بِالْجَرِّ. وَالتَّقْدِيرُ وَيَقُولُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ لِنِيَابَةِ الْوَاوِ عَنْ أَدَاتِهِ. وَاعْتَرَضَهُ حَسَنٌ جَلَبِي فِي حَوَاشِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّ النِّيَابَةَ تَقْتَضِي مُنَاسَبَةً بَيْنَ النَّائِبِ وَالْمَنُوبِ عَنْهُ، وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْوَاوِ وَأَمَّا اهـ وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُ أَمَّا بَعْدَ الْوَاوِ لِأَنَّ أَمَّا لَا تُحْذَفُ إلَّا إذَا كَانَ الْجَزَاءُ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا نَاصِبًا لِمَا قَبْلَهُ أَوْ مُفَسِّرًا لَهُ كَمَا فِي الرَّضِي وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقِيرُ ذِي اللُّطْفِ) أَيْ كَثِيرُ الْفَقْرِ: أَيْ الِاحْتِيَاجِ لِلَّهِ تَعَالَى. ذِي اللُّطْفِ: أَيْ الرِّفْقِ وَالْبِرِّ بِعِبَادِهِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: الْخَفِيِّ) أَيْ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ. فَإِنَّ لُطْفَهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَى شَخْصٍ فِي كُلِّ شَخْصٍ، أَوْ الْمُرَادُ الْخَفِيُّ عَنْ الْعَبْدِ. بِأَنْ يُدَبِّرَ لَهُ الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ تَعَانٍ مِنْهُ وَمَشَقَّةٍ. وَيُهَيِّئَ لَهُ أُمُورَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ط
(قَوْلُهُ: مُحَمَّدٌ) بَدَلٌ مِنْ فَقِيرٍ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ. وَعَلَاءُ الدِّينِ لَقَبُهُ: أَيْ مُعْلِيهِ وَرَافِعُهُ بِالْعَمَلِ بِهِ وَبَيَانِ أَحْكَامِهِ.

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست