responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 118
بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى بَادِئًا بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى، وَهَذَا بَعْدَ دُخُولِ الْمَاءِ خِلَالَهَا، فَلَوْ مُنْضَمَّةً فَرْضٌ

(وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ) الْمُسْتَوْعِبُ؛ وَلَا عِبْرَةَ لِلْغَرَفَاتِ، وَلَوْ اكْتَفَى بِمَرَّةٍ إنْ اعْتَادَهُ أَثِمَ، وَإِلَّا لَا، وَلَوْ زَادَ لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَوْنُهُ مِنْ أَسْفَلَ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ. وَيُشْكِلُ كَوْنُهُ بِخِنْصَرِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَنَّهُ مِنْ الطَّهَارَةِ، وَالْمُسْتَحَبُّ فِي فِعْلِهَا الْيَمِينُ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي كَوْنِهِ بِالْخِنْصَرِ كَوْنُهَا أَدُقَّ الْأَصَابِعِ فَهِيَ بِالتَّخْلِيلِ أَنْسَبُ، وَفِي كَوْنِهِ مِنْ أَسْفَلَ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إيصَالِ الْمَاءِ اهـ ثُمَّ نُقِلَ نَدْبُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
قُلْت: وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِهِ وَيُشْكِلُ إلَى إلَخْ بِأَنَّ الرِّجْلَيْنِ مَحَلُّ الْوَسَخِ وَالْقَذَرِ، وَلِذَا سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ مِنْ الْآدَابِ غَسْلَهُمَا بِالْيَسَارِ (قَوْلُهُ: بَادِئًا) أَيْ وَخَاتَمًا بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّ خِنْصَرَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى هِيَ يُمْنَى أَصَابِعُهَا وَإِبْهَامُ الْيُسْرَى كَذَلِكَ: أَيْ وَالتَّيَامُنُ سُنَّةٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ أَفَادَهُ فِي الْحِلْيَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَوْلُهُ: مِنْ أَسْفَلَ إلَى فَوْقَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: أَنْ يَبْدَأَ مِنْ أَسْفَلَ إلَى فَوْقَ أَيْ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ أَوْ مِنْ بَاطِنِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي السِّرَاجِ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ اهـ أَيْ فَيُدْخِلُ خِنْصَرَهُ مِنْ جِهَةِ ظَهْرِ الْقَدَمِ، فَيُخَلِّلُ مِنْ أَسْفَلَ صَاعِدًا إلَى فَوْقَ لَا مِنْ جِهَةِ بَاطِنِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ التَّخْلِيلِ سُنَّةً (قَوْلُهُ: فَرْضٌ) أَيْ التَّخْلِيلُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَّا بِهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ) أَيْ جَعْلُهُ ثَلَاثًا، فَمَجْمُوعُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الْحَقُّ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي السِّرَاجِ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِاسْتِدْلَالِهِمْ عَلَى السُّنِّيَّةِ " بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَمَّا أَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ قَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ يُضَاعَفُ لَهُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، وَلَمَّا أَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا قَالَ: هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ تَعَدَّى وَظَلَمَ» فَجَعَلَ لِلثَّانِيَةِ جَزَاءً مُسْتَقِلًّا، وَهَذَا يُؤْذِنُ بِاسْتِقْلَالِهَا لَا أَنَّهَا جَزْءُ سُنَّةٍ حَتَّى لَا يُثَابَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا. اهـ. وَقَيَّدَ بِالْغَسْلِ إذْ لَا يُطْلَبُ تَثْلِيثُ الْمَسْحِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الْمُسْتَوْعِبُ) فَلَوْ غَسَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَبَقِيَ مَوْضِعٌ يَابِسٌ، ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَصَابَ الْمَاءُ بَعْضَهُ، ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ أَصَابَ الْجَمِيعَ لَا يَكُونُ غَسْلًا لِلْأَعْضَاءِ ثَلَاثًا حِلْيَةٌ عَنْ فَتَاوَى الْحُجَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ لِلْغَرَفَاتِ) أَيْ الْغَيْرِ الْمُسْتَوْعِبَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالسُّنَّةُ تَكْرَارُ الْغَسْلَاتِ الْمُسْتَوْعِبَاتِ لَا الْغَرَفَاتِ. اهـ.
بَقِيَ إذَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ كَمَا قُلْنَا، هَلْ يُحْسَبُ الْكُلُّ غَسْلَةً وَاحِدَةً فَيُعِيدُ الْغَسْلَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ يُعِيدُ غَسْلَ مَا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَقَطْ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَحْرِ الْأَوَّلُ، وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَادَهُ أَثِمَ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى فَفِي إثْمِهِ قَوْلَانِ، قِيلَ: يَأْثَمُ لِتَرْكِ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ، وَقِيلَ: لَا لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ وَاخْتَارَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ إنْ اعْتَادَهُ أَثِمَ وَإِلَّا لَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ مَحْمَلُ الْقَوْلَيْنِ. اهـ.
أَقُولُ: لَكِنَّ فِي الْخُلَاصَةِ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِثْمِ، وَإِنَّمَا قَالَ: إنْ اعْتَادَهُ كُرِهَ وَهَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ، نَعَمْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ التَّحْرِيرِ مِنْ حَمْلِ اللَّوْمِ وَالتَّضْلِيلِ لِتَرْكِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ عَلَى التَّرْكِ مَعَ الْإِصْرَارِ بِلَا عُذْرٍ وَقَدَّمْنَا أَيْضًا تَصْرِيحَ صَاحِبِ الْبَحْرِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِثْمَ مَنُوطٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّثْلِيثَ حَيْثُ كَانَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَأَصَرَّ عَلَى تَرْكِهِ يَأْثَمُ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُهُ سُنَّةً. وَأَمَّا حَمْلُهُمْ الْوَعِيدَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الثَّلَاثِ سُنَّةٌ كَمَا يَأْتِي فَذَلِكَ فِي التَّرْكِ وَلَوْ مَرَّةً بِدَلِيلِ مَا قُلْنَا. وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِثْمِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ بِأَنَّهُ لَوْ أَثِمَ بِنَفْسِ التَّرْكِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى هَذَا الْحَمْلِ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْإِصْرَارِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ بِأَنْ فَعَلَهُ أَحْيَانًا أَوْ فَعَلَهُ لِعِزَّةِ الْمَاءِ أَوْ لِعُذْرِ الْبَرْدِ أَوْ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مِثْلُ النُّقْصَانِ فِي الْمَنْعِ عَنْهَا بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ) لِأَنَّهُ أُمِرَ بِتَرْكِ مَا يُرِيبُهُ إلَى مَا لَا يُرِيبُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِغَيْرِ الْمُوَسْوَسِ،

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست